فصل في ذكر وفاتها ( عليها السلام ) قيل : لما مرضت فاطمة ( عليها السلام ) دخل عليها نساء المهاجرين والأنصار يعدنها فقلن : كيف أصبحت من علتك يا بنت رسول الله ؟ فقالت : أصبحت والله عائفة [1] لدنياكن ، قالية [2] لرجالكن ، لفظتهم [3] بعد أن عرفتهم ، وشنأتهم بعد أن سبرتهم [4] ، فقبحا لفلول الحد [5] وخطل الرأي وخور القناة [6] ، لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم [7] ، لقد قلدتهم ربقتها [8] ، وشنت عليهم غارتها [9] ، فجدعا وعقرا [10] وبعدا للقوم الظالمين .
[1] عائفة : أي كارهة ، يقال : عاف الرجل الطعام يعافه عيافا إذا كرهه . [2] القالية : المبغضة ، قال تعالى : * ( ما ودعك ربك وما قلى ) * . [3] لفظت الشئ من فمي : أي رميته وطرحته . [4] شنأه : أبغضه . وسبرتهم : أي اختبرتهم . والمعنى : إني كنت عالمة بقبح سيرتهم وسوء سريرتهم فطرحتهم ، ثم لما اختبرتهم شنأتهم وأبغضتهم ، أي تأكد إنكاري بعد الاختبار . [5] قبحا بالضم : مصدر حذف فعله ، إما من قولهم : قبحه الله قبحا ، أو من قبح - بالضم - قباحة . والفلول بالضم : جمع فل بالفتح ، وهو الثلمة والكسر في حد السيف . وحد الشئ : شباته ، وحد الرجل : بأسه . [6] الخور بالفتح وبالتحريك : الضعف . والقناة : الرمح . [7] إشارة إلى قوله تعالى * ( بئس ما قدمت . . ) * المائدة : 80 . [8] الربقة في الأصل : عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها ، ويقال للحبل الذي تكون فيه الربقة : ربق . والضمير في " ربقتها " راجع إلى الخلافة المدلول عليها بالمقام ، أو إلى فدك ، أو حقوق أهل البيت ( عليهم السلام ) ، أي جعلها إثمها لازمة لرقابهم كالقلائد . [9] الشن : رش الماء رشا متفرقا ، والسن بالمهملة : الصب المتصل ، ومنه قولهم : شنت عليهم الغارة إذا فرقت عليهم من كل وجه . [10] الجدع : قطع الأنف أو الأذن أو الشفة ، وهو بالأنف أخص ، ويكون بمعنى الحبس . والعقر بالفتح : الجرح ، ويقال في الدعاء على الانسان : عقرا له وحلقا ، أي عقر الله جسده وأصابه بوجع في حلقه ، وأصل العقر : ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف ثم اتسع فيه فاستعمل في القتل والهلاك .