فقال لها علي ( عليه السلام ) : لا ويل لك ، الويل لمن ساءك ، فنهنهي عن وجدك يا ابنة الصفوة وبقية النبوة [1] ، ما ونيت [2] عن ديني ، ولا أخطأت مقدوري ، فإن كنت تريدين البلغة [3] فرزقك مقدور ، وكفيلك مأمون ، وما أعد لك خير مما قطع عنك ، فاحتسبي [4] . فقالت : حسبي الله . وسكتت [5] . قال : فقالت أم سلمة رضي الله عنها حيث سمعت ما جرى لفاطمة ( عليها السلام ) : ألمثل فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقال هذا القول ، هي والله الحوراء بين الإنس ، والنفس للنفس ، ربيت في حجور الأتقياء ، وتناولتها أيدي الملائكة ، ونمت في حجور الطاهرات ، ونشأت خير نشاء ، وربيت خير مربى ، أتزعمون أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حرم عليها ميراثه ولم يعلمها وقد قال الله تعالى : * ( وانذر عشيرتك الأقربين ) * [6] أفأنذرها وخالفت متطلبة وهي خيرة النسوان ، وأم سادة الشبان ، وعديلة ابنة عمران ، تمت بأبيها رسالات ربه ، فوالله لقد كان شفق عليها من الحر والقر ، ويوسدها يمينه ، ويلحفها بشماله ، رويدا ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بمرأى منكم ، وعلى الله تردون ، واها لكم فسوف تعلمون . فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) / وفاتها قال : فحرمت أم سلمة عطاءها في تلك السنة .
[1] نهنهت الرجل عن الشئ فتنهنه أي كففته وزجرته فكف . والوجد : الغضب ، أي امنعي نفسك عن غضبك . والصفوة مثلثة : خلاصة الشئ وخياره . [2] الونى : الضعف والفتور والكلال ، والفعل كوقى يقي ، أي ما عجزت عن القيام بما أمرني به ربي ، وما تركت ما دخل تحت قدرتي . [3] البلغة بالضم : ما يتبلغ به من العيش ، والمقدر والكفيل هو الله سبحانه . [4] الاحتساب : الاعتداد . ويقال لمن ينوي بعمله وجه الله تعالى : احتسبه ، أي اصبري وادخري ثوابه عند الله تعالى . [5] إلى هنا ذكر من خطبة الزهراء ( عليها السلام ) في بحار الأنوار : ج 8 ص 109 - 112 ط . الكمباني وأوردها الأربلي في كشف الغمة : ج 1 ص 480 ، والطبرسي في الاحتجاج : ج 1 ص 146 ناقصة أيضا . وما ذكر هنا يختلف مع ما ذكر في المصادر السابقة زيادة ونقيصة وتقديما وتأخيرا واختلافا في كثير من الألفاظ . وقد نقلنا شرح ألفاظها عن العلامة المجلسي قدس سره في البحار . [6] الشعراء : 214 .