غمرتكم ، ولكنها فيضة النفس [1] ، ونفثة الغيض [2] ، وبثة الصدر [3] ، ومعذرة الحجة . فدونكم فاعنقوا بها ، دبرة الظهر [4] ، نقبة الخف [5] ، موسومة بالعار [6] ، باقية الشنار [7] ، موصولة بنار الله الموقدة [8] التي تطلع على الأفئدة [9] ، فبعين الله ما تفعلون بنا * ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) * [10] وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، وانتظروا إنا منتظرون . ثم ولت منصرفة . فقال أبو بكر لعمر : تبت يداك لو تركتني لرفيت الخرق ، ورتقت الفتق ، وراجعت الحق ، وأكففت عني غرب هذه الألسنة برد فدك على أهلها . فقال عمر : إذا يكون في ذلك وهن أركانك ، وانهباط بنيانك ، وزوال سلطانك ، وحدوث ما أشفقت منه عليك . فقال له : كيف لك بابنة محمد وقد علم الناس ما دعت إليه وما نحن لها عليه ؟ فقال : هل هي إلا غمرة انجلت ، وساعة انقضت ، وكأن ما قد فات لم يكن ثم قال : ما قد مضى مما مضى كما مضى * وما مضى فما مضى قد انقضى ثم إن فاطمة ( عليها السلام ) لقيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) في فورتها وهي مغضبة فقالت : يا بن أبي طالب اشتملت شملة الجنين [11] ، وقعدت حجرة
[1] الفيض في الأصل كثرة الماء وسيلانه ، يقال : فاض الخبر أي شاع ، والمراد هنا إظهار المضمر في النفس لاستيلاء الهم وغلبة الحزن . [2] النفث بالضم شبيه بالنفخ ، وقد يكون للمغتاظ تنفس عال تسكينا لحر القلب وإطفاء لنائرة الغضب . [3] البث : النشر والإظهار ، والهم الذي لا يقدر صاحبه على كتمانه فيبثه أي يفرقه . [4] الدبر بالتحريك : الجرح في ظهر البعير ، وقيل : جرح الدابة مطلقا . [5] النقب بالتحريك : رقة خف البعير . [6] وسمته وسما وسمة : إذا أثرت فيه بسمة وكي . [7] الشنار : العيب والعار . [8] نار الله الموقدة : المؤججة على الدوام . [9] الإطلاع على الأفئدة : إشرافها على القلوب بحيث يبلغها ألمها كما يبلغ ظواهر البدن . [10] الشعراء : 227 . [11] اشتمل بالثوب أي أداره على جسده كله . وفي الأصل مشيمة ، ومشيمة الجنين : محل الولد في الرحم .