وتقتاتون القد [1] ، أذلة خاشعين ، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم . فأنقذكم الله بنبيه ( صلى الله عليه وآله ) بعد اللتيا والتي [2] ، وبعد أن مني ببهم الرجال وذؤبان العرب [3] * ( كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ) * ، وكلما نجم [4] ناجم بالضلال أو فغرت فاغرة للمشركين [5] قذف أخاه في لهواتها [6] ، فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه [7] ، ويخمد لهبها بحد سيفه ، مكدودا دؤوبا في ذات الله عز وجل [8] ، وأنتم وادعون في رفاهية آمنون ، تتوكفون الأخبار [9] ، وتنكصون عن النزال [10] ، وترمقون ما يصير إليه الحال حتى إذا اختار الله لنبيه ( صلى الله عليه وآله ) دار أنبيائه ومحل أصفيائه ظهرت حسكة النفاق [11] ، وسمل جلباب الدين [12] ، ونطق كاظم [13] ،
[1] القد بكسر القاف وتشديد الدال : القديد وهو اللحم المملوح المجفف بالشمس . [2] اللتيا بفتح اللام وتشديد الياء : تصغير التي ، وجوز بعضهم فيه ضم اللام ، وهما كنايتان عن الداهية الصغيرة والكبيرة . [3] يقال مني بكذا - على صيغة المجهول - أي ابتلي . وبهم الرجال : الشجعان منهم لأنهم من شدة بأسهم لا يدرى من أين يؤتون . وذؤبان العرب : لصوصهم وصعاليكهم . [4] نجم الشئ نجوما : ظهر وطلع . [5] فغر فاه : أي فتحه ، والفاغرة من المشركين : الطائفة العادية منهم تشبيها بالحية أو السبع . [6] القذف : الرمي . واللهوات بالتحريك : جمع لهاة وهي اللحمة في أقصى سقف الفم . والمعنى : أنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كلما أراده طائفة من المشركين أو عرضت له داهية عظيمة بعث عليا ( عليه السلام ) لدفعها وعرضه للمهالك . [7] انكفأ بالهمزة : أي رجع ، والصماخ بالكسر : ثقب الاذن والاذن نفسها ، والأخمص : ما لا يصيب الأرض من باطن القدم عند المشي . ووطي الصماخ بالأخمص عبارة عن القهر والغلبة على أبلغ وجه . [8] المكدود : من بلغه التعب والأذى ، وذات الله : أمره ودينه وكل ما يتعلق به سبحانه . [9] التوكف : التوقع . والمراد أخبار المصائب والفتن . [10] النكوص : الإحجام والرجوع عن الشئ ، والنزال بالكسر : أن ينزل القرنان عن إبلهما إلى خيلهما فيتضاربا . [11] الحسكة : العداوة . [12] سمل الثوب : صار خلقا ، والجلباب بالكسر : الملحفة . [13] الكظوم : السكوت .