إلى الخلائق بأجزالها [1] ، وآمن [2] بالندب إلى أمثالها . وأشهد أن لا إله إلا الله ، كلمة جعل الإخلاص تأويلها [3] ، وضمن القلوب موصولها [4] ، وأبان في الفكر محصولها ، وأظهر فيها معقولها [5] ، الممتنعة من الأبصار رؤيته ، ومن الألسن صفته ، ومن الأوهام الإحاطة به ، ابتدع الأشياء لامن شئ كان قبله ، وأنشأها بلا احتذاء امتثله [6] ، وفطرها لغير فائدة زادته إلا إظهارا لقدرته ، وتعبدا لبريته ، وإعزازا لأهل دعوته ، ثم جعل الثواب لأهل طاعته ، وجعل العقاب لأهل معصيته ، زيادة [7] لأوليائه عن نقمته ، وحياشة لهم إلى جنته [8] . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، واختاره قبل أن ينتجبه ، واصطفاه قبل أن يبعثه ، إذ الخلائق تحت الغيوب مكنونة ، وبستر الأهاويل مصونة [9] ، وبنهاية العدم مقرونة ، علما من الله تعالى بمآيل الأمور [10] ، وإحاطة منه بحوادث الدهر ، ومعرفة
[1] يقال أجزلت له من العطاء أي أكثرت ، أي طلب منهم الحمد بسبب إجزال النعم وإكمالها عليهم . [2] وفي نسخة البحار : " وثنى " بدل " وآمن " والمعنى : أي بعد أن أكمل لهم النعم الدنيوية ندبهم إلى تحصيل أمثالها من النعم الأخروية . [3] المراد بالإخلاص جعل الأعمال كلها خالصة لله تعالى ، وعدم شوب الرياء والأغراض الفاسدة ، وعدم التوسل بغيره تعالى في شئ من الأمور ، فهذا تأويل كلمة التوحيد . [4] لعل المراد أن الله تعالى ألزم وأوجب على القلوب ما تستلزمه هذه الكلمة من عدم تركيبه تعالى وعدم زيادة صفاته الكمالية الموجودة وأشباه ذلك مما يؤول إلى التوحيد . [5] أي أوضح في الأذهان ما يتعقل من تلك الكلمة بالتفكر في الدلائل والبراهين . [6] احتذى مثاله : اقتدى به . [7] الذود والذياد : السوق والطرد والدفع والإبعاد . [8] حشت الصيد أحوشه : إذا جئته من حواليه لتصرفه إلى الحبالة ، ولعل التعبير بذلك لنفور الناس بطباعهم عما يوجب دخول الجنة . [9] لعل المراد بالستر ستر العدم أو حجب الأصلاب والأرحام ، ونسبته إلى الأهاويل لما يلحق الأشياء في تلك الأحوال من موانع الوجود وعوائقه ، ويحتمل أن يكون المراد أنها كانت مصونة عن الأهاويل بستر العدم إذ هي إنما تلحقها بعد الوجود . وقيل : التعبير بالأهاويل من قبيل التعبير عن درجات العدم بالظلمات . [10] على صيغة الجمع أي عواقبها .