علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، قالت : لما أجمع أبو بكر على منع فاطمة فدك بلغها ذلك فلاثت خمارها على رأسها [1] ثم أقبلت في لمة [2] من حفدتها [3] ونساء قومها تطأ ذيلها [4] لا تخرم مشيتها مشية [5] رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حتى دخلت المسجد على أبي بكر وهو في حشد [6] من المهاجرين والأنصار فنيطت دونهم ملاءة [7] ، ثم أنت أنة ارتجت [8] لها القلوب وذرفت لها العيون وأجهش [9] لها القوم بالبكاء ، ثم أمهلتهم حتى هدأت فورتهم [10] وقالت : الحمد لله على ما أنعم ، وله الشكر على ما ألهم ، والثناء بما قدم من عموم نعم ابتدأها [11] ، وسبوغ آلاء أسداها [12] ، وتظاهر منن أولاها ، وكمال مواهب والاها [13] ، أحمده بمحامد جل عن الإحصاء عددها ، ونأى عن المجازات أمدها [14] ، وتفاوت عن الإدراك أبدها [15] ، واستثنى الشكر بإفضالها ، واستحمد
[1] أي عصبته وجمعته يقال : لاث العمامة على رأسه يلوثها لوثا أي شدها وربطها . [2] اللمة بضم اللام وتخفيف الميم : الجماعة . [3] الحفدة بالتحريك : الأعوان والخدم . [4] أي كانت أثوابها طويلة تستر قدميها وتضع عليها قدمها عند المشي . [5] الخرم : الترك والنقص والعدم ، والمشية بالكسر : الاسم من مشي يمشي مشيا رأي لم تنقصن مشيتها من مشية رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) شيئا كأنه هو بعينه . [6] الحشد بالفتح وقد يحرك : الجماعة . [7] نيطت : علقت ، والملاءة بالضم والمد : الريطة والإزار ، أي ضربوا بينها ( عليها السلام ) وبين القوم سترا وحجابا . [8] ارتجت : اضطربت . [9] الجهش أن يفزع الانسان إلى غيره وهو مع ذلك يريد البكاء كالصبي يفزع إلى أمه وقد يتهيأ للبكاء . [10] هدأت : سكنت ، وفورة الشئ : شدته ، وفار القدر أي جاشت . [11] اي بنعم أعطاها العباد قبل أن يستحقوها . [12] السبوغ : الكمال ، والآلاء : النعماء جمع ألى بالفتح والقصر وقد يكسر بالهمزة ، وأسدى وأولى وأعطى بمعنى واحد . [13] والاها : أي تابعها بإعطاء نعمة بعد أخرى بلا فصل . [14] الأمد بالتحريك : الغاية والمنتهى ، أي بعد عن الجزاء بالشكر غايتها . [15] التفاوت : البعد ، والأبد : الدهر والدائم والقديم الأزلي ، وبعده عن الإدراك لعدم الانتهاء .