في هذا اليوم لن يفوتني في غيره . فلما قتل عبيد الله كلم نساؤه معاوية في جيفته ، فأمرهن أن يأتين ربيعة فيبدلن لهم في جيفته عشرة آلاف ، ففعلن ذلك ، فاستأمرت ربيعة عليا ( عليه السلام ) في ذلك فقال لهم : اجعلوا جيفته لبنت هاني بن قبيصة الشيباني وأتتهم الشيبانية فألقت إليهم مطرف خز فلفوه فيه ودفعوه إليها ، فمضت به . ولما قتل عمار بن ياسر ( رضي الله عنه ) ومن ذكرنا من الناس حرض علي ( عليه السلام ) ربيعة وقال لهم : أنتم درعي ورمحي ، فانتدب عشرة آلاف جادوا بأنفسهم لله تعالى ، وعلي ( عليه السلام ) على بغلته الشهباء يقول : من أي يومي من الموت أفر * من يوم لم يقدر أو يوم قدر وحمل وحملوا معه حملة واحدة ولم يبق صف من صفوف أهل الشام إلا انفض ، وعلي ( عليه السلام ) يقول : أضربهم ولا أرى معاوية * لا حرز العين العظيم الحاوية ثم قال : يا معاوية علام يقتل الناس بيني وبينك ، هلم أحاكمك إلى الله عز وجل ، فأينا قتل صاحبه استقامت له الأمور . فقال له عمرو : يا معاوية قد أنصفك والله الرجل ، ولا تحسن بك إلا مبارزته . فقال له معاوية : أطمعت فيها بعدي وأقسم معاوية لا يخرج إليه غير عمرو وأن عمرا برز إليه وكشف عن سوءته . وكان في هذا اليوم ما لم يكن في غيره قبله ، وانصرف القوم يحملون قتلاهم . ومر معاوية في خواصه بالموضع الذي كانت فيه ميمنته ، فنظر إلى عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي معفرا بدمائه ، وقد كان في ميسرة علي ( عليه السلام ) ، فسأله فيه ابن عامر وكان صديقا له فوهبه له فغطاه بعمامته وحمله وواراه . ثم نظر علي ( عليه السلام ) إلى غسان على مصافهم ، فنادى أين أهل الصبر وطلاب الأجر ؟ ثم دعا ابنه محمد بن الحنفية فدفع إليه الراية ، ثم قال له ، امش بها فإذا شرعت في صدورهم فأمسك حتى يأتيك رأيي . ففعل ، وأتاه علي ( عليه السلام ) ومعه الحسن والحسين ( عليهما السلام ) وشيوخ بدر وغيرهم قد كردسهم [1] على غسان ، وعادت
[1] كردس القائد خيله أي جعلها كتيبة كتيبة ( لسان العرب 6 / 195 ) .