وعروة لا يبعد ثناه وذكره * إذا سل للبيض الخفاف الصوارم [1] واستشهد في هذا اليوم صفوان وسعد ابنا حذيفة بن اليمان ، وكان حذيفة عليلا بالكوفة قبل دخول علي إليها ومات قبل أن يراه خليفة . واستشهد عبد الله بن الحارث أخو الأشتر ، واستشهد عبد الله وعبد الرحمن ابنا بديل بن ورقاء الخزاعي في خلق من خزاعة ، وكان في ميسرة علي ( عليه السلام ) . ولما رأى معاوية القتل في أهل الشام وكلب أهل العراق عليهم تجهم النعمان بن جبلة التنوخي وكان صاحب راية قومه من تنوخ ، وقال له : لقد هممت أن أولي قومك غيرك من هو خير منك مقدما وأنصح جيبا [2] . فقال : إنا لو كنا نغدوا إلى جيش مصنوع لكان في قطع الرجال بعض الأناة فكيف ونحن ندعوهم إلى سيوف قاطعة وردينية شارعة وقوم ذوي بصائر نافعة ، فوالله لقد نصحتك على نفسي وقد بذلنا لك أمرا لا بد من إتمامه . وصمد للقتال . وكان عبيد الله بن عمر إذا خرج للقتال قام إليه نساؤه يشددن سلاحه إلا الشيبانية ، فخرج هذا اليوم وأقبل على الشيبانية وقال لها قد عبأت لقومك صدرا ، وأيم الله إني لأرجو أن أربط بكل طنب من أطناب فسطاطي سيدا منهم . فقالت الشيبانية : ما أبغض إلي أن تقاتلهم . قال : ولم ؟ قالت : لأنه لم يتوجه إليهم صنديد في جاهلية ولا إسلام وبرأسه صعر [3] إلا أقاموه ، وأخاف أن يقتلوك ، وكأ ني بك قتيلا وقد أتيتهم فأسألهم أن يهبوا لي جيفتك . فرمى بسهم فشجها وقال لها : ستعلمين من آتيك به من زعماء قومك . فحمل عليه حريث بن جابر الحنفي فطعنه فقتله . وقيل : إن الأشتر قتله . وقيل : إن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ضربه فقطع ما عليه من الحديد والحشو حتى خالط السيف حشوة جوفه ، وأن عليا ( عليه السلام ) قال حين هرب وطلبه ليقيد منه الهرمزان : لئن فاتني
[1] وقعة صفين : ص 356 مع اختلاف يسير . [2] كذا في ظاهر الأصل ، وفي مروج الذهب : انصح منك دينا . [3] الصعر : الميل في الخد خاصة وهو كناية عن التكبر ( انظر لسان العرب 4 / 456 ) .