وتقدم عمار رحمة الله عليه وقاتل ثم رجع إلى موضعه فاستسقى امرأة من مصافهم من بني شيبان بعس [1] فيه لبن فقال الله أكبر ، الله أكبر ، اليوم ألقى الأحبة تحت الأسنة ، صدق الصادق ، وبذلك خبر الناطق ، هذا اليوم الذي وعدت به ثم قال : أيها الناس هل من رايح إلى الله تحت العوالي ، فتقدم وهو يقول : نحن ضربناكم على تنزيله * فاليوم نضربكم على تأويله ضربا يزيل الهام عن مقيله * ويذهل الخليل عن خليله أو يرجع الحق إلى سبيله [2] . فاشتبكت عليه الأسنة ، وقتله أبو العادية العاملي وابن حوى السكسكي ، واختلفا في سلبه ، وارتفعا إلى عبيد الله بن عمرو بن العاص فقال : قوموا عني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يقول : أولعت قريش بعمار ، مالهم ولعمار ؟ ! يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ، عمار جلدة بين عيني ، تقتله الفئة الباغية ، لا أنالها الله شفاعتي يوم القيامة [3] . وخرج هاشم المرقال ، وحمل ذو الكلاع ، ومع هاشم جماعة من أسلم قد آلوا أن لا يرجعوا أو يفتحوا ، أو يقتلوا واجتلد الناس ، وقتل هاشم وذو الكلاع جميعا ، فتناول ابن المرقال اللواء وحمل وهو يقول : يا هاشم بن عتبة بن مالك * أعزز بشيخ من قريش هالك تخبطه الخيلات بالسنابك * أبشر بحور العين في الأرائك والروح والريحان عند ذلك [4] فوقف أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على مصرع هاشم ومن صرع حوله فقال : جزى الله خيرا عصبة أسلمية * صباح الوجوه صرعوا حول هاشم يزيد وعبد الله بشر بن معبد * وسفيان وابنا هاشم ذي المكارم
[1] العس : القدح الضخم ( لسان العرب 6 / 140 ) . [2] وقعة صفين : ص 341 . [3] وقعة صفين : ص 342 - 343 . [4] وقعة صفين : ص 348 مع زيادة في رواية الشعر .