وكان مقام علي ( عليه السلام ) في البصرة شهرا ، وأمر مالك بن الحارث الأشتر أن يتقدمه في الخيل إلى الكوفة . قال : فقدم علي ( عليه السلام ) إلى الكوفة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة ست وثلاثين من الهجرة . وخرج قوم من أشياخ الكوفة مع قرظة بن كعب الأنصاري يتلقون علي ( عليه السلام ) في يوم ذي قر وهو يتصبب عرقا وكسوته خفيفة وقد روي أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) دعا له ألا يصيبه حر ولا قر . وكان مقام علي في حرب الجمل خمسة عشر يوما ، وكان عدة من قتل في يوم الجمل على ما روى أبو مخنف ثمانية عشر ألفا وثمانمائة وخمسة وخمسين رجلا . وذكر المسعودي أن الذي قتل من أصحاب الجمل ثلاث عشر ألف رجل ، ومن أصحاب علي ( عليه السلام ) ألفا رجل [1] . وكان بين خلافة علي ( عليه السلام ) وبين وقعة الجمل خمسة أشهر وأحد وعشرون يوما وأقام بالكوفة ستة أشهر ثم خرج إلى صفين . أمير المؤمنين ( عليه السلام ) / وقعة صفين وقعة صفين وهم القاسطون : روي أنه أشير على أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) أن يقر معاوية بن أبي سفيان في عمله وعمرو بن العاص ومن يجري مجراهما ، وقيل له : إذا بايعوك فاعزل من شئت منهم . فقال : والله لا ادهن في ديني ، ولا أعطي الرياء في أمري . ثم أشار عليه ابن عباس رضي الله عنهما بأن يقر معاوية ، فقال علي ( عليه السلام ) : والله لا أعطيه إلا السيف ، ثم تمثل بقول القائل : وما ميتة إن متها غير عاجز * بعار إذا ما غالت النفس غولها [2]
[1] التنبيه والأشراف : ص 255 - 256 . [2] غاله الشئ غولا واغتاله : أهلكه وأخذه من حيث لم يدر ( لسان العرب 11 / 507 ) .