وقوله تعالى : ( فأزلّهما الشيطان ) ، أي بالخطيئة وهي والمعصية والسيّئة مترادفات بمعنى واحد ، وهو الزوال عن الحق ، و « الوسوسة » إغواء الشيطان وإغرائه . والهبوط بمعنى النزول والحركة من العلوّ إلى السفل ، وكلّ واحدة من هذه العبارات لها ظاهر مستعمل في الحقيقة والمجاز ، ولكلّ ظاهر بطون وتخوم لا يعلمهما إلاّ الله والراسخون في العلم . والآن ينبغي أن نعرف ما هو معنى الشجرة المنهيّة التي ذكرتها الأخبار باسم العلم أو الحسد أو الشهوة أو الهوى ؟ ! فنقول : أولاً : لقد أطلق على الشجرة أسماء الرذائل ، مع أنّ الجنّة محلّ الفضائل لا الرذائل ، والحسد صفة من الصفات الذميمة في الحاسد ذي الوجود الخارجيّ ، لا في الشجرة ؟ وثانياً : لقد نُسب الحسد في الحديث السابق إلى آدم ( عليه السلام ) ، فكيف يصحّ ذلك عند علماء الإماميّة ؟ ! وبعبارة أخرى : نُسب التبختر إليه ( عليه السلام ) وهو مناف لمذهب الحقّ ؟ ! الجواب : قال المرحوم العلامة المجلسيّ طاب ثراه في المجلّد السابع من البحار : لعلّ المراد منها ترك الأولى ، لأنّه مع العلم بأنّ الله تعالى فضّلهم عليهما كان ينبغي لهما أن يكونا في مقام الرضا والتسليم ، وأن لا يتمنّيا درجاتهم صلوات الله عليهم [1] .
[1] البحار 26 / 273 ح 15 باب تفضيلهم على الأنبياء ( عليهم السلام ) .