ففاطمة الزهراء ( عليها السلام ) هي الجزء الأعظم والركن الأقوم في الوجود النبويّ الشريف ، وللجزء حكم الكلّ البتّة ، فإذا كان العقل الكلّ أشرف المخلوقات ، ففاطمة أيضاً كذلك ; لأنّها الجزء الأقرب والبضعة الألصق ، بل هي الجزء الأشرف في الوجود النبويّ المقدّس ، ففاطمة ليست أفضل من نساء العالمين من الأوّلين والآخرين فقط ، وإنّما هي أفضل من رجال العالمين ، بل أفضل من الكمّل والمرسلين والملائكة المقرّبين . وأمّا ما ذكره الرازي من أنّ ظاهر قوله تعالى ( واصطفاك على نساء العالمين ) يدلّ على اصطفائها على نساء العالمين من الأوّلين والآخرين ، فإنّما أراد بذلك تفضيل مريم ( عليها السلام ) على فاطمة وغيرها من نساء العالمين ، وهو قول متروك ، ولم يذكره غيره من مفسّري السنّة كالزمخشريّ والبيضاويّ والنيشابوريّ وغيرهم في كتبهم في تفضيل فاطمة ( عليها السلام ) على نساء العالمين من الأوّلين والآخرين ، وهي كثيرة منها : عن ابن عباس في حديث طويل في ذكر فضائل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « فأمّا ابنتي فاطمة سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين . . . إنّ فاطمة بضعة منّي ، وهي نور عيني وثمرة فؤادي وروحي التي بين جنبي ، وهي حوراء إنسية . . . » [1] إلى آخر الحديث . وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « مريم سيّدة نساء عالمها ، وفاطمة ( عليها السلام ) سيّدة نساء ا لعالمين من الأولين والآخرين ، وإنّها عديلة مريم » [2] .
[1] البحار 43 / 24 ح 20 باب 3 ، العوالم - عوالم السيّدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) 1 / 128 ح 23 . [2] انظر بحار الأنوار 22 / 236 ح 2 عن شرح النهج لابن أبي الحديد .