جُملة من الأبيات أحببتُ ذكرها هنا ، ليطلع [1] القرّاء على أشعارها المليحة الفصيحة ويعرفوا كمالاتها . قالت ( عليها السلام ) : وَلَو أنّني أمسيتُ في كُلِّ نعمة * ودامَتْ لي الدُّنيا ومُلك الأكاسرة فَما سوّيت عندي جُناح بعوضة * إذا لَمْ تَكُنْ عَيني بعَينكَ ناظرة ومنها : وَقى فَرَمى مِنْ قوس حاجبه سَهماً * تَصادَفني حتّى قُتِلْتُ به ظُلما وأسفرَ عَن وجه وأسبل شعرَهُ * فباتَ يُباهي البدر في ليلة ظَلما ومنها : جاء الحبيب الّذي أهواه مِن سفر * والشّمس قد أثّرتُ في وجهه أَثَرا عَجبتُ للشّمسِ مِنْ تقبيل وجنَتِه * والشّمسُ لا ينبغي أنْ تُدرك القَمَرا وكانت أشعار خديجة بأجمعها في مدح سيد الأنام والتعبير عن حبّها وأشواقها ، بل كانت تحكي عشقها له كما في الأبيات الآتية : قلب الُمحبّ إلى الأحبابِ مجذوبُ * وجِسمه بلَهيبِ النّار ملهوبُ وقائل كيفَ طعم الحُبّ قلتُ له * الحبُّ عَذبٌ ولكنْ فيه تعذيب كأنّما يوسفُ في كلِّ راحلة * والحيُّ في كلّ بيت فيه يعقوبُ ومنها : نَطَق البعيرُ بفضل أحمدَ مُخبراً * هذا الّذي شَرُفَتْ به أُمّ القُرى هذا محمّد خيرُ مبعوث أتى * فهو الشّفيع وخيرَ من وطأ الثّرى يا حاسِديه تمَزّقوا مِن غيظكم * فهو الحبيب وما سواه في الورى
[1] وأكون - في نفس الوقت - قد أشرت إلى جميع أحوالها وأقوالها ولو إشارة عابرة . ( من المتن )