وروى في ذيل قوله تعالى ( ووجدك عائلاً فأغنى ) [1] أنّ الله منّ على نبيّه وأغناه بأموال خديجة ( عليها السلام ) . وقد وردت الأخبار عن العامّة والخاصّة في كثرة أموال خديجة ، حتّى قال العلاّمة المجلسيّ في المجلد السادس من بحار الأنوار أنّه « كان لخديجة في كلّ ناحية عبيد ومواش ، حتّى قيل : إنّ لها أزيد من ثمانين ألف جمل متفرقة في كلّ مكان » [2] وكانت خديجة أميرة عشيرتها وسيّدة قومها ووزيرة صدق لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فكانت كأنّها الملكة في الحجاز وأطرافها ، لكثرة ما كانت تملكه من المواشي والخدم والحشم والضياع والعقار والأملاك والأموال والتجارة والعبيد والإماء والجواهر الغالية والذهب والفضّة ، وقد قدّمتها جميعاً - وهي في غاية الرضا والإمتنان - إلى النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) خصوصاً خلال فترة الحصار في شِعب مكّة ، حيث استمرّ ثلاث سنوات منعت قريش القوت والإمداد عن بني هاشم ، فكانت خديجة تُغدِق عليهم بكلّ سخاء ، وتُنفق على تلك الجماعة من الرجال والنساء من بني هاشم ومن الحراس والحفظة الذين كانوا مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وكان الربيع بن العاص صِهر خديجة على بنتها يحمل الحنطة والتمر على الإبل ويبعث بها إليهم تحت جنح الظلام ، حتّى نفذت ذخائرهم ولم يبق لهم شئ ، وآل أمرهم إلى أن قنعوا بثوب واحد يستر عوراتهم . وهكذا كانت خديجة ( عليها السلام ) مؤمنة حقاً ، آمنت بنبيّ آخر الزمان بالقلب واللسان والمال والجنان .