الخوف ودفع أذية القوم ، وعندها صار قوله تعالى : ( فإذا فرغت فانصب ) [1] عليّاً حُكماً منجزاً . ويكفي خديجة شرفاً أنّها عاشت مع النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أربعاً وعشرين سنة ، فلم يختر عليها امرأة حتّى ماتت ، فلمّا هاجر ( صلى الله عليه وآله وسلم ) تزوّج في فترة وجيزة عدّة زوجات وظلّ يلهج باسم « خديجة » ويترحّم عليها ويستغفر لها ويحترم أرحامها ويقرّبهم ولم يغفل عن ذكرها أبداً ، وكان يرى في فاطمة حنان أمّها وحبّها وودّها وإحسانها فيلزمها ويحبّها ويقبّلها ويتذكّر فيها أُمّها . وفي الخبر أنّ فاطمة امتنعت يوماً عن الطعام وقالت لا آكل حتّى اعلم أين أمّي خديجة ، فنزل جبرئيل الأمين وقال : إنّ خديجة في الجنّة بين آسية وسارة [2] . الخلاصة : لقد وفّقت خديجة لخدمة ابنتها فاطمة الزهراء ، وتزوّدت من تلك الروح الغالية مدّة خمس سنين ، ثمّ توفّيت في السنة العاشرة من البعثة ، على الرواية المشهورة [3] ، وقارنت وفاتها وفاة أبي طالب ، فسمّى الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ذاك العام ب « عام الحزن » ثمّ هاجر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد ثلاث سنوات من وفاتها إلى المدينة المنورة . وكان عمر خديجة عند وفاتها خمسة وستّون عاماً - على ما ذكر - وكان عمر فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) عند الهجرة ثمان سنوات حيث بقيت في مكة ثلاث سنين بعد وفاة أمّها .
[1] الشرح : 7 ; وقد وردت قراءة بلفظ ( وانصِب ) بالكسر في تفسير الكشّاف وتفسير البحر المحيط . انظر معجم القراءات القرآنيّة 8 / 188 إعداد الدكتور أحمد مختار عمر وعبد العال سالم مكرّم . [2] البحار 16 / 1 ح 1 باب 5 والحديث : [3] البحار 16 / 13 ح 12 باب 5 .