ولم يكن في ذلك الزمان مستمع قابل من الآخرين يمكن أن يسمع حديث فاطمة ويروي لنا ما سمع ، وليس في الأخبار شئ من ذلك . وأمّا عيسى ابن مريم ، فقد تكلّم في المهد إسكاتاً لخصوم مريم ( عليها السلام ) فقال : ( إنّي عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيّاً ) [1] ; وكان قد تكلّم عند الولادة مسلّياً أمّه كما قال الله تعالى : ( فناداها من تحتها ألاّ تحزني قد جعل ربّك تحتك سريّاً * وهزّي إليك بجذع النّخلة تساقط عليك رطباً جنيّاً * فكلي واشربي وقرّي عيناً فإمّا ترينّ من البشر أحداً فقولي إنّي نذرت للرّحمن صوماً فلن أكلّم اليوم إنسيّاً ) [2] . وقد ورد في الرواية الصحيحة أنّ عيسى ( عليه السلام ) لم يتكلّم بعد ذلك إلى أن حان أوان تكلّمه كسائر الأطفال حين يبلغون ذلك السنّ المعين ، وإذا وردت وردت رواية في تكلّمه فالمقصود وقوعه بعد الرضاع . وفي كتاب « حياة القلوب » أنّ مريم تكلّمت في رحم أمّها حنّة ، بل روى ذلك أهل الخلاف أيضاً . روي أنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال لأمّه فاطمة بنت أسد : « يا أمّاه لا تقمّطيني إنّي أريد أن أتضرّع إلى الله وأبتهل وأتبصبص » وإنّه تكلّم مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتلي الكتب السماويّة وقرأ القرآن الكريم كما ورد في كتب المناقب والفضائل مفصّلاً ، وهذا التكلّم - في غير الوقت المعهود - فيه إظهار لقدرة الحقّ ، ودليل وبرهان على شرف وجلالة قدر المتكلّم ، وهو من أعظم الكرامات للمولود . ونعم ما قيل :