عليها مسبّبات منتظمة إلى يوم القيامة ، وجميع الأصول والكلّيّات التي يدور عليها هذا العالم تدور مدار الخلق والرزق والإماتة والإحياء بمفاد قوله ( خَلَقكم ثمّ رَزَقكم ثمّ يُميتكم ثمّ يُحييكم ) [1] . ولهذا ; جعل الروح الأمين واسطة في أمر الخلق لإفاضة الحياة في خلق الإيجاد ، فصار دخيلاً في حياة كلّ ذي حياة ، كما صار عزرائيل دخيلاً في قبض روح كلّ ذي روح ، وميكائيل دخيلاً في رزق كلّ مرزوق ، وإسرافيل في إحياء كلّ النفوس في الوقت المعلوم بالنهج المعلوم . وبناءً على هذا ، فإنّ الروح الأمين هو السبب الأقوى في إفاضة الروح ومنح الحياة لكلّ الكائنات ، وكان عليه - حسب التكليف - أن يفيض في هذا الموقع الشريف والمورد المنيف إفاضة خاصة ويوصل مدداً خاصاً في حياة تلك النطفة الطيّبة ; لذا أفاض عرقه على تلك التُحفة السنيّة والتفّاحة العليّة . ولمّا كانت هذه الموهبة الكبرى أمراً عظيماً وقضاءاً مقدّراً وحكماً مبرماً ، ترتّب على عقد هذا الجوهر الثمين نتائج عظمى وآثار جسام . ولهذا أرسل جبرئيل الأمين إعظاماً في بدو انعقاد نطفتها الشريفة إلى الأبطح ، فبدا في صورته الأصليّة مع جمع من الملائكة العظام للتبشير بوجودها ، وهناك أيضاً مزجوا نطفتها بالجوهر الصافي لخلاصة سكّان الملكوت الأعلى ، لتبلغ آثار إفاضات منبع الفيض والحياة كافة البريّات . قيل : إنّ الخضر النبيّ ( عليه السلام ) كان إذا جلس في مكان اخضرّ ذاك المكان واعشوشب لأنّه شرب جرعة من ماء الحياة ، وكان موكب جبرئيل القادم من دار