أمير المؤمنين ظاهر ، ولم يخلق الله بعد العرش خلقاً أشرف من الملائكة الذين زيّن بهم السماوات . فالنبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أفضل وأشرف من العرش ، ونوره من نور الله ، والعرش أشرف الموجودات ممّا سوى الله ، ونور سلطان الولاية أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من نور الله ، والملائكة من نوره ، فهو أشرف من الملائكة ، والملائكة أشرف من غيرهم . وبعبارة أخرى : خلق العرش من نور النبوّة فهو معلول لوجوده ، وخلق الملائكة من نور الولاية فهم معلولون لوجوده المسعود ، والولاية باطن النبوّة ، والنبيّ والوليّ من نور واحد ، فالملائكة خلقوا من نور النبيّ أصلاً ومصدراً . ولهذا عبّر أهل الاصطلاح عن وجود النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالعرش ، وعن وجود الوليّ بالكرسيّ ، وجعلوا الكرسيّ تلو العرش ، فشرف العرش والملائكة من شرف وجودهما ، ووجودهم من نور وجودهما . ثمّ بعد مرتبة النبوّة والولاية مرتبة الصدّيقين ، وفاطمة الزهراء هي الصدّيقة الكبرى ، وهي منشأ كلّ بركة ، ومنبع كلّ سعادة ، ومصدر كلّ خير ، ومحلّ كلّ فيض ، وأفضل قابل لإفاضات النبوّة وإشراقات الولاية . ولمّا كان وجود التناسب بين العلّة والمعلول والمشتقّ والمشتقّ منه واجباً ، وكانت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) في الإستفاضة من المبدأ وامتثال الأمر والتسليم في محلّ القبول ; لذا صارت معلولات وجودها أيضاً محالّ البركات ومعادن الطاعات ومعابد الأملاك ومساجد سكّان الأرض . ولذا جعل الله السماوات والأرضين في ذيل ذينك المقامين مباشرة ، أي بعد العرش والكرسيّ - وهما رتبة النبوّة ودرجة الولاية - بلا فصل ولا حائل ، ثمّ جعل