« لولاك لما خلقت الأفلاك » [1] والذات المقدسة علّة لها والعلّه أسبق وأشرف من المعلول . وفي حديث « أوّل ما خلق الله نوري » إشارة إلى أنّ وجودي من الحقّ تعالى ، ونوري مشتق من مبدأ الربوبيّة ، ولي خالق أوجدني من العدم [2] وألبسني خلعت الوجود وأفاض عليّ الحياة . در ظلمت عدم همه بوديم بي خبر * نور وجود سرّ حياة از تو يافتيم [3] وقد تبيّن من الأخبار المتواترة والآثار المتكاثرة أنّ عالم الأنوار يختلف عن العوالم الأخرى ، فهو أفضل وأعلى رتبة ، كما أنّ اختلاف مراتب الأنوار أيضاً مطلب في غاية الوضوح ، ولا ضير في اختلاف الأخبار في ابتداء الخلقة في ذكر الأعوام والسنين ، مثل الأربعة آلاف سنة ، ومائة وأربعة وعشرين ، وألف ألف دهر ، وأربعين ألف ، وألفي عام وغيرها ، لإمكان الجمع بينها . ونبدأ في إثبات المراد وصحّة المقصود بحديث أمير المؤمنين ( عليه السلام ) الذي أخرجه أبو الحسن البكريّ شيخ الشهيد الثاني في كتاب الأنوار ، وفيه كفاية ، قال في أوّل الحديث : « كان الله ولا شئ معه ، فأوّل ما خلق الله نور حبيبه محمّد قبل خلق العرش والكرسيّ والسماوات والأرض واللوح والقلم والجنّة والنّار والملائكة وآدم وحوّاء بأربعة وعشرين وأربعمائة ألف عام » وكانت له تسبيحات الخاصة » [4] .
[1] البحار 16 / 406 ح 1 باب 12 . [2] في عبارة المصنّف ( رحمه الله ) نفسه شاهد على أنّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لم يخلق من العدم . [3] يقول : كنّا جميعاً مجهولين في ظلام العدم ، فوجدنا منك - يا نور الوجود - سرّ الحياة . [4] البحار 57 / 198 ح 145 باب 1 .