النّاس عن لسان النبيّ الأكرم والسلطان الأعظم بمعرفة فاطمة ، واعتبر معرفة تلك المستورة الكبرى من الإيمان بل جزءه المقوم « وأنّها أعرف بالأشياء كلّها » . والبرهان العقليّ يقول : لا بدّ للمحبّ أن يحبّ محبوب الحبيب ، وفاطمة الزهراء حبيبة الله ورسوله ، ومودّتها ومحبّتها محبّة الرسول ، والمحبّة فرع المعرفة ، فمن أحبّ فاطمة عليه أن يعرفها ، ولمّا كانت معرفة كنهها مستحيلة وجب أن يعرفها قدر الوسع والإمكان ، ومقتضى الفرض والحتم . هذا الإجمال ، وسيأتيك التفصيل في خصائص أخرى إن شاء الله تعالى . وقد تبيّن من الحديث الآخر أنّ أعداء فاطمة فطموا عن محبّتها ، أي أنّ من كان يحبّ الله ورسوله أحبّ فاطمة ، ومن أحبّ فاطمة أحبّ الله ورسوله . فالحديث الأول عام في عدم إدراك معرفة فاطمة ، والحديث الثاني خاصّ في عدم محبّة أعداء فاطمة لفاطمة ( عليها السلام ) . الوجه الثامن في البحار عن مصباح الأنوار عن الإمام محمد الباقر ( عليه السلام ) قال : إنّما سمّيت فاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الطاهرة لطهارتها عن كلّ دنس ، وطهارتها من كلّ رفث ، وما رأت يوماً قط حمرة ولا نفاسا [1] . وقد روى هذا الحديث في معنى الطاهرة والبتول ، والتعليل في معنى الحديث ظاهر ، ولكنّه مأخوذ من « فطمت عن الطمث » ، وهاتان الطهارتان إشارة إلى نزاهة فاطمة الزهراء عن الدنس ظاهراً وباطناً ، وتكرار ذكر الطهارة باعتبار تعدد