تعريف لطيف يظهر من الحديث الأوّل أمران : الأوّل : إنّ معرفة فاطمة حقّ المعرفة يعني إدراك ليلة القدر . الثاني : انقطاع الناس عن حقيقة معرفتها . فالأوّل تعليق ، والثاني إخبار عن المحال لاستحالة معرفة فاطمة . ويستفاد من الأمر الثاني إستحالة إدراك ليلة القدر لاستحالة معرفة فاطمة حقّ المعرفة . ونظيره بوجه قوله ( عليه السلام ) « من عرف نفسه فقد عرف ربّه » [1] حيث يفيد استحالة معرفة النفس لاستحالة معرفة الرب سبحانه . ومعرفة فاطمة الزهراء تكون على نحوين : الأوّل : معرفة اسمها ونسبها وجملة من حالاتها ، كما فعل الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) حينما أخذ بيدها ( عليها السلام ) وقال : من عرفها فقد عرفها ومن لم يعرفها فهي فاطمة بضعة منّي وروحي التي بين جنبي . . إلى آخر الحديث [2] . أراد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بهذا التعريف أن يخبر عن إتّحاده بفاطمة الزهراء الدالّ على كمال فضلها وشرفها ، وأراد أن يقول للناس إعرفوا فاطمة بهذه المعرفة فإنّها روحي وقلبي ، ونتيجة هذه المعرفة أن يتعامل الناس مع روح النبيّ وقلبه وفؤاده وبضعته كما يتعاملون معه تماماً ، وحرمة روح النبيّ كحرمة النبيّ ، واحترام الجزء الأعظم احترام للكلّ .
[1] البحار 2 / 34 ح 22 باب 9 . [2] انظر بحار الأنوار 27 / 62 ح 16 و 43 / 54 ح 48 .