ولدت فاطمة ( عليها السلام ) أوحى الله عزّ وجلّ إلى مَلَك فانطلق به لسان محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فسمّاها فاطمة ، ثمّ قال : إنّي فطمتك بالعلم وفطمتك عن الطمث . ثمّ قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : واللهِ لقد فطمها الله تبارك وتعالى بالعلم وعن الطمث بالميثاق [1] . وإذا تأمّلت الحديث وجدت فيه مطالب أربعة : الأوّل : إنّ المَلَك أجرى اسم فاطمة على لسان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . الثاني : كان فطام فاطمة بالعلم . الثالث : إنّها فطمت عن الطمث . الرابع : يمين الإمام ( عليه السلام ) والميثاق يؤكّدان وقوع ما أخبر به النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . أمّا المطلب الأوّل فقد تعرّضنا له في الخصيصة السابقة . وأمّا المطلب الثاني : فيدلّ صراحة على علم فاطمة ، والأفضل أن ننقل كلام المرحوم المجلسيّ في ذيل هذا الحديث ، قال : فطمتك بالعلم أي أرضعتك بالعلم حتّى استغنيت ، وفطمت أو قطعتك عن الجهل بسبب العلم ، أو جعلت فطامك من اللبن مقروناً بالعلم ، كناية عن كونها في بدو فطرتها عالمة بالعلوم الربّانيّة ، وعلى التقادير كان الفاعل بمعنى المفعول [2] كالدافق بمعنى المدفوق ، أو يقرء على بناء التفعيل ، أي جعلتك قاطعة الناس من الجهل ، أو المعنى : لمّا فطمها من الجهل فهي تفطم الناس منه ، والوجهان الأخيران يشكل إجراؤهما في قوله : فطمتك عن الطمث إلاّ بتكلّف ، بأن يجعل الطّمث كناية
[1] علل الشرائع 1 / 212 ح 4 باب 142 . [2] سيأتي بيان قوله « كان الفاعل بمعنى المفعول » . ( في المتن )