ولم يمسسها بشر ، فشهد الله لها بالصدق ، فصارت صدّيقة لأنّ الله صدّقها . وسمّيت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) : الصدّيقة الكبرى ( عليها السلام ) لأنّها صدّقت بوحدانية الحقّ تعالى ونبوّة أبيها وإمامة بعلها وإمامة أبناءها المعصومين واحداً بعد واحد وهي في رحم أُمّها وعند ولادتها . ثمّ إنّها كانت - وهي طفلة صغيرة - أوّل من سبق إلى التصديق بنبوّة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد أمّها ، وعاشت في كنف الرسالة ، واقتدت في جميع أحوالها وأفعالها وأقوالها بمربّيها العظيم ، وأكملت منذ طفولتها ملكاتها القدسيّة النفسانيّة ، وعاشت مع الصادقين والصدّيقين ، وقد وصفها أبوها - وهو أصدق القائلين وأفضل الصدّيقين - بأنّها « الصدّيقة الكبرى » وفضّلها بذلك على مريم العذراء ، وقد قال : « فاطمة مريم الكبرى » [1] . وشهد لها بذلك - أيضاً - عائشة بنت أبي بكر على ما رواه المشاهير والنحارير من العلماء أنّها قالت مراراً « ما رأيت امرأة أصدق منها إلاّ أباها » [2] . وهذا الخبر صحيح ومعتبر عندهم ، ومع ذلك فقد آذاها أبو عائشة وأعوانه حينما طالبت بحقّها الثّابت ، وغمّها وخذلها المهاجرون والأنصار وهي تشكو وتتظلّم بينهم وتستنصرهم لإحقاق حقّهم ، فلم تجد منهم ناصراً ولا من مغيث ، ولم يصدّقوا قول تلك الصادقة المصدّقة ، وكانت العاقبة أن عاشت أيّاماً قليلة تكابد الهم والألم ، وفارقت الدنيا لتقف لهم غداً يوم القيامة بين يدي المنتقم الحقّ ، وتحاسب الرجال والنساء القساة الجفاة الذين صدّقوا قولها وأذعنوا أنّ الحقّ معها
[1] انظر البحار 22 / 484 ح 31 باب 1 . [2] البحار 43 / 53 ح 48 باب 3 .