وبديهي أنّ مقام الصدق والاستقامة في القول والفعل يأتي تلو مقام النبوّة ومنه قوله تعالى : ( ومَن يُطع الله ورسوله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحَسُن أولئك رفيقاً ) [1] . وقال أيضاً : ( والذين آمنوا بالله ورسوله أولئك هم الصدّيقون ) [2] . وقال أيضاً : ( يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا الله وكونوا مع الصّادقين ) [3] . وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في مدح أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « هذا خير الأوّلين وخير الآخرين من أهل السماوات وأهل الأرضين ، وهذا سيّد الصدّيقين وسيّد الوصيّين » [4] . وقد مدح القرآن الكريم يحيى بن زكريا ونعته بالتصديق فقال : ( إنّ الله يبشّرك بيحيى مصدّقاً بكلمة من الله ) [5] . روي أنّه لمّا دخلت مريم على أُمّ يحيى لم تقم ، لها فأذن الله تعالى ليحيى وهو في بطن أُمّه فناداها : يا أمة تدخل إليك سيّدة نساء العالمين مشتملة على سيّد رجال العالمين فلا تقومين لها ، فانزعجت وقامت إليها وسجد يحيى وهو في بطن أُمّه لعيسى ابن مريم ، فذلك كان أوّل تصديقه له » [6] . وإنّما مُدحت مريم ووصفت ب « الصدّيقة » لصدقها في دعواها أنّ عيسى منها
[1] النساء : 69 . [2] الحديد : 19 . [3] التوبة : 119 . [4] البحار 26 / 309 ح 75 باب 6 و 26 / 316 ح 81 باب 6 و 27 / 315 ح 14 باب 9 . [5] آل عمران : 39 . [6] تفسير الصافي 1 / 334 ذيل الآية 39 من سورة آل عمران ، والحديث طويل اقتطع منه المؤلف ( رحمه الله ) موضع الحاجة .