ولها ، فدعواها حقّ وقولها الصدق ، ولكنّهم ما تبعوا تصديقهم القوليّ بالعمل ، فكذّبت أفعالهم أقوالهم وناقضوا أنفسهم ، وستحاجّهم وتخاصمهم وتتظلّم إلى الله ، فينصرها الله المنتقم نصراً عزيزاً ويجازيهم بما كسبوا . قال الطبرسيّ ( رحمه الله ) في مجمع البيان في ذيل الآية المذكورة ( ومن يطع الله ورسوله . . . الخ ) [1] الصدّيق المداوم على التصديق - أي دائم الصدق - بما يوجبه الحق . وقيل : الصدّيق الذي عادته الصدق ، وهذا البناء يكون لمن غلب على عادته فعل ، يقال لملازم الشرب شرّيب ( ولملازم الشّكر شكّير ) وقيل في معنى الصدّيق : إنّه المصدّق بكلّ ما أمر الله به وأنبيائه ، لا يدخله في ذلك شكّ ، ويؤيّده [2] قوله : ( والّذين آمنوا بالله ورسوله أولئك هم الصدّيقون ) [3] . وسيأتي في غسل فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) أنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : « والصدّيقة لا يغسلها إلاّ صدّيق » [4] . وبناء على ما مرّ ، فقد اتّفق المخالف والمؤالف على أنّ فاطمة الزهراء هي الصدّيقة الكبرى قولاً وقلباً وفعلاً ، لم تكذب قطّ كذبة واحدة ، وكانت تفعل ما تقول ، ولم تتخلّف قط في أداء أيّ تكليف أو امتثال أيّ أمر ، وكان لها في ذلك صدق نيّة وعزم وثبات ومداومة ومراقبة تامّة . قال أهل التحقيق : إنّ التصديق يلازمه التبعيّة في الأقوال والأفعال ، كما صنع يحيى ( عليه السلام ) حين صدق بنبوّة عيسى ( عليه السلام ) وتابعه متابعة كاملة من المهد إلى اللحد .
[1] النساء : 69 . [2] مجمع البيان 3 / 126 . [3] الحديد : 19 . [4] البحار 43 / 206 ح 32 باب 7 .