مخصوصة من الصدّيقة الكبرى ( عليها السلام ) منذ ولادتها وحتّى وفاته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، سواء كان في مكّة أو في المدينة ، علاقة كانت تفوق علاقة البنوّة والأبوّة ، بل كانت علاقة استثنائيّة ، ولأن أيّ محبّة لا تبلغ محبّة الأُم ، فكأنّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يقول لفاطمة : أُمّي لم تمت . . أنت أمّي . بمعنى أنّ للنبيّ ثلاث أُمّهات : الأُم الأصليّة ، والأُم التشريفيّة وأُمّ المحبّة [1] . وبديهي أنّ محبّة الأُمّهات تختلف باختلاف مراتب أُنسهنّ بأبنائهنّ ، وآمنة بنت وهب ( عليها السلام ) قضت ثمان سنوات - أو أقل - في خدمة النبيّ في فترة لم تعش فيها مضايقات قريش للمولى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، بينما وفّقت الصدّيقة الطاهرة لملازمة النبيّ والتشرّف بخدمته وسعادة مرافقته لمدة ثمان سنوات في مكّة المكرمة وعشر سنوات في المدينة الطيّبة ، وشاهدت مضايقات أعداء الدين لخاتم المرسلين ، وعاشت معه بصدق وإخلاص كلّ المصاعب والمصائب ، ورافقته في ازدحام البلايا واقتحام الشدائد ، وتجلببت بالصبر والشكيمة والتحمّل صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها . الوجه الخامس تظافر الشيعة والسنّة على تخريج هذا الحديث في كتبهم . قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « كلّ بني أُنثى فإنّ عصبتهم لأبيهم ، ما خلا ولد فاطمة فإنّي أنا عصبتهم وأنا أبوهم » [2] « وأنا وليّهم » [3] فهو ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عصبتهم وأصلهم وأبوهم ، تنتهي إليه هذه
[1] سنذكر في خصيصة مستقلّة مراتب محبّة الزهراء إن شاء الله . ( من المتن ) [2] ينابيع المودّة 2 / 98 باب 56 و 59 عن الطبراني في المعجم الكبير . [3] انظر الهامش السابق .