الوجه الثالث لمّا توفّيت الوالدة الماجدة لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان النبي صغيراً ، فكفلته فاطمة بنت أسد ( عليها السلام ) أُمّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وخدمته - بإخلاص - غاية الخدمة ، وكانت تتعبّد الله في ذلك ، حتّى أنّها كانت تقدّمه على أبنائها : أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وطالب وعقيل وجعفر ، وقد شهد بذلك التاريخ والأثر الصحيح ، وكان النبي يخاطبها « أُمّي » ، ولمّا توفّيت قال النبي لعليّ ( عليه السلام ) : « إنّها كانت أمّي » [1] ، فكان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يناديها وينادي فاطمة الزهراء - وهي سمّيّت أمّ خديجة الطاهرة [2] - حبّاً لهما ب « أُمّي » وبذلك كان يتذكّر خديجة المطهّرة وفاطمة المكرّمة التي رعته في طفولته . وكلا الإستعمالين من باب التجوّز لا الحقيقة ، غير أنّه كان يخاطب فاطمة بنت أسد « أُمّي » ، ويخاطب فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ب « أُمّ أبيها » ، وفي الخطاب الأخير إحترام وتعظيم وتكريم إضافة إلى إبراز المحبّة والوداد . الوجه الرابع لمّا توفّيت آمنة بنت وهب ( عليها السلام ) - أُمّ النبيّ - ودفنت في الأبواء قُرب المدينة على طريق الفرع - على المشهور - كان عمر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يومها ثمان سنوات أو أقلّ ، فكفلته وحضنته فاطمة بنت أسد ( عليها السلام ) ، إلاّ أنّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) شهد علاقة خاصة ومحبّة
[1] انظر البحار 6 / 232 ح 44 باب 8 . [2] خديجة بنت خويلد وأمّها فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبيد بن معيص ابن عامر بن لؤي . انظر مقاتل الطالبيين : 57 .