الوجه الثاني أتذكّر إنّي حضرت يوماً بين جماعة من الفقهاء والمجتهدين ، وكان المرحوم الفقيه الفريد والمجتهد الوحيد الحاج ملاّ ميرزا محمّد الأندرماني ( رحمه الله ) حاضراً ، فسألني عن معنى هذه الكنية الشريفة وطلب منّي جواباً يصحّ عليه السكوت ، فانبرى له المرحوم المغفور فحلّ المحقّقين الحاج الآغا محمّد نجل المرحوم ساكن الرضوان الآغا محمود الكرمانشاهاني عليهما المغفرة والرضوان وأجابه ببيان ظريف ، فاستحسنه السائل وأذعن لجوابه المليح ، واستفدت منه استفادة جمّة وسوف لن أنسى حظّي الوافر الذي نلته في ذلك المحضر الشّريف . قال : إنّ من الشّائع على الألسن أن يخاطب الأب ابنه في مقام النصيحة بلغة الرأفة والترحّم فيقول له : أبي العزيز . . بابا . . أبتا ، ويخاطب ابنته فيقول لها : أُمّي العزيزة . . أمّاه . . ماما ، وهذا النمط من الاستعمال شائع بين العرب والعجم من قبيل . . أخي . . أخي . . يا أخاه . . ونظائرها ، وهذا النوع من العبارات والإستعمالات تعبّر عن فرط المودّة والمحبّة والشفقة والمبالغة في التعبير عن ذلك في مقام التخاطب بين الأب وأبنائه . فيكون الاستعمال في « أُمّ أبيها » إستعمالاً مجازيّاً لا حقيقيّاً ، وهو عبارة عن أسلوب للتعبير المتداول بين الآباء والأبناء للإعراب عن المحبّة والعطف ، وبذلك أراد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يخاطب ابنته العزيزة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) كأنّه قال « يا أمّي » ليحكي عن شدّة حبّه لابنته ، ويشهد له قوله في الحديث « يحبّها ويكنّيها بأُمّ أبيها » . والحق : إنّه جواب يستقرّ في القلب ومعنى مليح صحيح .