نام کتاب : الحداثة ، العولمة ، الإرهاب في ميزان النهضة الحسينية نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 134
ولذلك فإنّ طرح العولمة بمفهومها المتعارف يهدّد هويّتنا الوطنيّة والقوميّة والدينيّة والمذهبيّة والفكريّة والروحيّة ; ولأنّ لكلّ اُمّة عاداتها وتقاليدها ، بغض النظر عن إيجابيّة هذه العادات والتقاليد أو سلبيّتها ، إلاّ أنّها موجودة عند كلّ اُمّة من الاُمم ، وتعتبر جزءاً من هويّتها ، ومن المستحيل أن تعيش اُمّة من دون عادات وتقاليد ، ولا توجد اُمّة من الاُمم لم تتأثّر باُمم اُخرى . التقليد بين السلب والإيجاب إذا أردنا التدقيق في مسألة التقليد فمن غير الصحيح أن نحكم عليه بأنّه أمر سلبي في كلّ الأحوال ، فكما يكون سلبيّاً في بعض الأحوال ، فهو أيضاً إيجابيّاً في بعضها الآخر ، بل قد يكون ضروريّاً ولازماً في أحوال اُخرى ، كما في تقليد أهل التخصّص ; لأنّه لا بدّ من توزيع التخصّصات والمهمّات وفق رؤية علميّة صحيحة بحيث يستطيع الإنسان أن يركن إليها ; وذلك لأنّ الكائن البشري لا يستطيع أن يكون خبيراً في كلّ شيء . وكلامنا هذا لا يقتصر على التقليد الفقهي ، وإنّما يعمّ جميع التخصّصات ; لأنّ التقليد منهج علمي شريطة أن يخضع لرؤية علميّة سليمة وموازين صحيحة تعتمد على كفاءة المقلَّد في تخصّصه ، وأن لا تدخل المحسوبيات في تقييم الشخصيات المقلَّدة . والذي يرفض التقليد بشكل تامّ لا يمكن لنا أن نؤيّده ; لأنّ ذلك سيؤدّي إلى سدّ الطريق أمام العلم لكي لا يتّخذ مجراه بشكل صحيح ، والقرآن إنّما ذمّ التقليد الذي لا يكون مبنيّاً على العلم ، فقال تعالى : * ( وَكَذلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَة مِن نَذِير إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّة وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُقْتَدُونَ ) * [1] .