نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 18
ومنطقاً ، ليس بالطويل ولا بالقصير ، بل هو في العدل والاعتدال ، لا شبيه له ولا نظير . بعيد ما بين المنكبين ، شديد البذل ، فلا يدخر الفاني ، ولا يقبض عليه باليدين ، يجيب الدعوة ويقبل الهدية وإن قلت . ولا يخيب العبد والأمة والمسكين . يما التمس منه من النوازل التي أعلت ، بل يجالس الفقراء ويؤاكلهم ، ويؤانس الغرباء وبالجميل يعاملهم ، يتفقد من غاب من أصحابه ، ويتردد إليهم بالعيادة حتى لمن لم يكن من أتباعه وأحبابه ، للترجي لهدايته والتوخي للاقتداء به . في مزيد تواضعه مع سيادته ، يخصف لتواضعه النعل ، وينصف من نفسه للرغبة في أوفر العدل ، ويرقع الثوب ويخيطه ويقلبه ، ويرفع معه على دابته المملوك ، ويلاطف الصغير ، بل والسفيه ، بحيث يلين لخطاب لمن يصفه بقوله بئس العشيرة ويتحمل ما يتعلق بخاصة نفسه ، إلا أن تنتهك حرمات الله الصغيرة ، فضلاً عن الكبيرة ، ولا يطوي عن أحد بشره ، بل يداعب ويمزح من غير انتهاء لما يكره ، مأمون في هذا السخط والرضا ، ميمون في المضيق والفضا . إلى غير هذا مما يحتمل مجلدات ، وتشمل عليه تصانيف متعددات . وبالجملة : فقد جمع الله لنبيه صلى الله عليه وسلم كمال الأخلاق ، ومحاسن الشيم والسياسة التامة ، المنتشر في الخافقين بها العلم ، وآتاه علم الأولين والآخرين ووافاه بما فيه النجاة في الآخرة لأتباعه ، ولو كانوا مثلي مقصرين . قال البراء بن عازب رأيته في حلة حمراء ، فلم أر شيئاً قط أحسن منه وقال أنس رضي الله عنه : ما مسست ديباجاً ولا حريراً ألين من كفه ، ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحته وكان أبو بكر رضي الله عنه إذا رآه يقول : أمين مصطفى بالخير يدعو * كضوء البدر زايله الظلام وعمر رضي الله عنه ينشد لغيره : لو كنت من شيء سوى بشر * كنت المضيء لليلة البدر وعمه أبو طالب : وأبيض يستسقي الغمام بوجهه * ربيع اليتامى ، عصمة للأرامل تطيف به الملاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل وميزان حق لا يخيس شعيرة * ووازن عدل وزنه غير عائل وكان له صلى الله عليه وسلم من الأعمام والعمات : العباس وحمزة وعاتكة وأروى وأميمة وصفية وكلهم ممن أسلم : وأبو طالب عبد مناف وأبو لهب عبد العزي ، وأبو الطاهر الزبير وحجلة
18
نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 18