نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 17
النبوة . وحجة الوداع ، التي لم يحج بعد الهجرة غيرها ، ونزلت عليه فيها بعرفة " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ " المائدة : وخطب النبي صلى الله عليه وسلم الناس فيها وأوصاهم وودعهم ، وقال لعلكم لا تروني بعد عامي هذا ووقف معه صلى الله عليه وسلم فيها مائة وعشرون ألفاً . وفي الحادية عشر : كانت وفاته صلى الله عليه وسلم بعد شكواه أياماً ، شهيداً حميداً سعيداً في يوم الاثنين حين اشتد الضحى لليلتين مضتا من ربيع الأول عن ثلاث وستين سنة ، وعظم الخطب ، ودهش جماعة من الصحابة ، ولم يكن فيهم أثبت من أبي بكر الصديق ، والعباس ، وخطب الصديق الناس تالياً قوله تعالى " إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ " الزمر فثابت قلوبهم ، وسجي صلى الله عليه وسلم ببرد وحبرة وجاءت التعزية ، يسمعون الصوت ولا يرون الشخص السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ، كل نفس ذائقة الموت ، وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ، إن في الله عزاء عن كل مصيبة ، وخلفاً من كل هالك ، ودركاً من كل ما فات ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ، فإن المصاب من حرم الثواب ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . وغسله - صلى الله عليه وسلم - علي رضي الله عنه في قميصه الذي مات فيه ، من بئر بقباء ، يقال لها : الغرس ، كان صلى الله عليه وسلم يشرب منها ، بوصية منه ، وكانت على يده خرقة يغسله بها من تحت القميص ، والعباس وابناه : الفضل وقثم يقبلونه مع علي ، وأسامة وشقران مولياه صلى الله عليه وسلم يصبان الماء . وكفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ، ليس فيها قميص ولا عمامة ، أدرج فيها إدراجاً ، وصلى عليه المسلمون أفراداً ، لم يؤمهم أحد . ودفن في منزله الذي توفي فيه - بيت عائشة - وألحد له في جانب قبره ، ودخل قبره ، الأربعة الذين غسلوه ، ثم هيل عليه التراب صلى الله عليه وسلم . وفي الكثير مما سبق في هذا الفصل أو أكثره اختلاف ، مشيت على ما صحح مع الاختلاف بين المصححين أيضاً حسبما يعلم من المبسوطات . واشترك الأنام في العزاء به ، فلم يصابوا بمصيبة أعظم من فقده صلى الله عليه وسلم . فإنه أشفق عليهم من أنفسهم ، وأرفق بهم في مخوفهم وملبسهم ، وأحرص على هدايتهم ، وأنص ببيان المقتضى لسعادتهم ابتعثه الله سبحانه رحمة لهم ، وقدمه للشفاعة للمخطئ المتلوث منهم ، ففرج به عنهم الكروب ، وفرح بالانتساب إليه القلوب ، وأتحف المتوسل به بكل مطلوب ، وخفف بذلك عظيم الشدائد والخطوب ، فله الفضل في الإسعاد بالانتماء إليه ، إذ لا حول ولا قوة إلا بالتوكل عليه . ولقد كان صلى الله عليه وسلم كامل الأوصاف ، شامل الأفضال والإنصاف فخلقه سليم ، وخلقه عظيم ، أحسن الناس خلقاً وخلقاً ، وأبين عند الاضطراب والإلباس ، فضلاً عن الإيناس ، لفظاً
17
نام کتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة نویسنده : شمس الدين السخاوي جلد : 1 صفحه : 17