مستدلَّين لهذا بقوله تعالى : ولكلّ وجهة هو موّليها 2 : 148 [1] وقوله تعالى : وإن من شيء إلا يسبح بحمده 17 : 44 [2] . فكلّ موجود بحسب ذاته يطلب الوصول إليه تعالى بنار الشوق والعشق ، فهو تعالى غاية الغايات كما هو مبدأ المبادئ ، فكلّ من كان أقرب إليه تعالى فلا محالة يكون أشبه به تعالى صفة فلا محالة يكون ملتذّا بمعرفته تعالى ومظهرا لصفاته . وقد علمت فيما تقدم : أنّ الولاية الخاصّة المحمدية المطلقة هي التي ظهرت بأوصاف كماله تعالى ونعوت جماله ، وهي الجامعة الأسماء الإلهيّة ، وهي باطن الألوهية ، وهي في النبي صلَّى الله عليه وآله تكون مع الرسالة ، وفي الوصي تكون منحازة إليه كما تقدم ، وحيث إنّ صاحبها فان عن نفسه وباق بربّه ، فلا محالة تكون الولاية الكائنة فيه بأوصافها ولاية الله تعالى كما سيأتي التصريح بها من الأحاديث . ولا ريب أنّ حقيقة هذه الولاية الإلهيّة لا يمكن الإحاطة بها ذاتا ، بل هي مختصة بهم عليهم السّلام وهم عليهم السّلام حيث إنها حقيقتهم يعلمونها بالعلم الحضوري ، وإنما الممكن بيان آثارها لا بحقيقتها ، بل بمقدار ما يمكن تفهيمها لغيرهم ، ويمكن أن يدركها غيرهم ، فالأخبار والأدعية والزيارات مشحونة ببيانها ، وأحسن كلام اشتمل عليها وبيّنها هو الزيارة الجامعة الكبيرة التي يكون هذا الشرح لبيانها وبيان معانيها ورموزها بحسب ما يمنح الله تعالى فهمها . ثم إنّ ما تقدم من شرح الولاية في الجملة ، إنما كان لأجل بيان موضوع الولاية الإلهيّة وهو حقيقتهم القدسية ( صلوات الله عليهم أجمعين ) ليتضح الأمر موضوعا وحكما فلا تغفل . ثم اعلم : أنّ من ظفر بمعرفة الله تعالى ، والنظر إلى وجهه الكريم ، والمطالعة لجمال الحضرة الربوبية ، وشهد الأسرار والأمور الإلهية يعلم ويرى أنها ألذّ اللذّات