عنها بالعدالة ، ولها طرفان مذمومان فإفراطها الظلم وتفريطها الانظلام . وقد يقال : إنّ العدالة ليس لها طرف الإفراط والتفريط بل له ضدّ واحد وهو الجور ، والظلم والانظلام من مصاديق الجور فعلا وانفعالا ، كما لا يخفى . فهذه الصفات الأربع أصول الفضائل العلمية ، وأطرافها الثمانية هي الرذائل ، ومجموعها حسن الخلق ، إذا صارت ملكة ينوط بها خلاص الإنسان من ذمائم الأخلاق الموجب لسخط الباري وغضب الخلاق ، والتعذّب بالاحتراق بالجحيم ، بسبب الانحراف عن العدالة المعبّر عنها بالصراط المستقيم . فخير الأمور في هذا العالم أوسطها . ثم إنه كما أنّ نفس الطريق المستقيم ليست مقصودا ، بل جوازها يؤدّي إلى المقصود ، فكذلك حسن الخلق ليس كمالا بل الاتّصاف به يورث الخلاص من الجحيم ، وإنما الكمال الحقيقي والمقصود الأصلي هو معرفة الحق الأول ، وما يليه من الصفات الجمالية والأفعال الإلهيّة التي ، تكمل بها النفس وتقرّ بمشاهدتها العين السليمة من الأمراض الباطنية . ومن المعلوم أنّ قيام الناس بالقسط واعتدال نفوسهم إنما تجمعها وتؤديها الأخلاق الحسنة وإليه الإشارة في قوله تعالى : ونفس وما سوّاها . فألهمها فجورها وتقواها . قد أفلح من زكَّاها . وقد خاب من دسّاها 91 : 7 - 10 [1] وقد صحّ عنه صلَّى الله عليه وآله من الفريقين انه صلَّى الله عليه وآله قال : " بعثت لاتمّم مكارم الأخلاق " وقال صلَّى الله عليه وآله : " أفضل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا " والأحاديث في هذا الباب كثيرة جدّا . وكما أنّ للحسن الظاهر أركانا كالعين والأنف والفم والخدّ ، ولا يوصف الظاهر بالحسن ما لم يحسن جميعها ، فكذلك للنفس التي هي باطن الإنسان وجه إلى الخلق ووجه إلى الحقّ ، ووجهها الذي يلي الحقّ هو جهة وحدتها وبساطتها ، ووجهها