ستر مستور " [1] الخبر ، إنّه لا مانع للعبد بينه وبين معرفة الله تعالى إلا نفس العبد . وللعبد وجهان : وجه إليه تعالى ووجه إلى نفسه وما يستلزمها من الآثار المترتبة عليها في الوجود ، وإذا انصرف العبد عن الوجه النفساني وأعرض عنها واشتغل بنفسه أي بالوجه الإلهي والربّاني من التوبة أي الرجوع إليه تعالى والإنابة والمحاسبة والمراقبة والصمت والجوع والخلوة والسهر ، وجاهد بالأعمال والعبادات الواجبة أو المستحبّة المأثورة . وأيّده بالفكر والاعتبار حتى يورث ذلك انقطاعا حقيقيّا بسببها عن النفس - فيراها محض الفقر والاحتياج في جميع الشؤون إلى بارئه سبحانه - وإلى الله تعالى بالتوجيه التام إلى الحق سبحانه فحينئذ يطلع من الغيب طالع في قلبه ، ويتعقّبه شيء من النفحات الإلهيّة والجذبات الربّانيّة ، ويوجب حبّا وإشراقا ، وهذا هو الذكر الحقيقي القلبي ، ثم لا يزال بارق يلمع وجذبة تطلع ، وشوق يدفع حتى يتمكَّن سلطان الحب في القلب ، ويستولي الذكر على النفس ، فيجمع الله حينئذ الشمل ويختم الأمر ، وأن إلى ربك المنتهى . وحينئذ تحصل المعرفة به تعالى حسب ما أفاض الله على قلبه من تجلياته الذاتية الصفاتية والأفعاليّة ، كلّ على حسب ظرفه وما يستحقّه ، ولا يعلم أحد حاله إلا الله تعالى فأولياؤه تحت قبائه لا يعرفهم غيره ، رزقنا الله ذلك بمحمد وآله الطاهرين . ثم إنّ اللازم لهذا السالك - السائر في تحصيل معرفته تعالى - المراقبة التامة وحاصلها : أنّه لا بدّ له من أن لا ينسى المقصد آنا ، وأن يعرف من الطريق مقدار ما يعتبر منه ، وأن يحمل من الزاد قدر ما يحتاج إليه ، فلو نسي مقصده آنا ما هام على وجهه حيران ، وضلّ ضلالا بعيدا ، ولو ألهاه الطريق ومشاهدته وما فيه بطل السير ، وحصل الوقوف ، ولو زاد حمل الزاد على الكفاف اللازم تعوق السعي وفات