يمكن تصوّره في الذهن ، وقوله عليه السّلام : " إنما عرف الله من عرفه با لله " أي عرف الله با لله كما قال عليه السّلام : " يا من دلّ على ذاته بذاته ، " وقال عليه السّلام في دعاء أبي حمزة : " بك عرفتك " . وكيف كان فالطرق العقليّة والنّظر في الآيات الآفاقي حيث إنه طريق عقلي لا يوجب معرفته تعالى بالحقيقة ، بل إنما توجب علما حصوليّا ، لوجوده تعالى فقط وهذا بخلاف حصول معرفته تعالى بطريق معرفة النفس ، فإنّه منتج معرفته تعالى معرفة حقيقيّة . وحاصله أن يوجّه الإنسان وجهه للحق سبحانه ، وينقطع عن كلّ صارف وشاغل عن نفسه إلى نفسه حتّى يشاهد نفسه كما هي ، وهي محتاجة إلى الحقّ سبحانه ومن هذا شأنه ، لا تنفكّ مشاهدته عن مشاهدة مقوّمه . وبعبارة أخرى : إذا أمعن النظر في توجهه إلى خالقه ، مشفوعا بمشاهدة نفسه ، محتاجة فقيرة لا قوام ولا وجود لها إلا بمقوّمها ، فلا محالة يشاهد قلبا مقوّما وهو الحقّ سبحانه ، فإذا شاهد الحق سبحانه عرفه معرفة ضروريّة ، ثم عرف نفسه به حقيقة ، لكونها قائمة الذات به سبحانه ، ثمّ يعرف كل شيء به تعالى . وإلى هذا يشير ما في تحف العقول عن الصادق عليه السّلام في كلامه في وصف المحبّة لأهل البيت في حديث : " من زعم أنه يعرف الله بتوهم القلوب فهو مشرك ومن زعم أنّه يعرف الله بالاسم دون المعنى فقد أقرّ بالطعن ، لأن الاسم محدث ، ومن زعم أنه يعبد الاسم والمعنى فقد جعل مع الله شريكا ، ومن زعم أنه يعبد ( المعنى ) بالصفة لا بالإدراك فقد أحال على غائب ، ومن زعم أنه يعبد الصفة والموصوف فقد أبطل التوحيد ، لأن الصفة غير الموصوف ، ومن زعم أنه يضيف الموصوف إلى الصفة فقد صغّر بالكبير ، وما قدروا الله حقّ قدره . . قيل له : فكيف سبيل التوحيد ؟ قال عليه السّلام : " باب البحث ممكن وطلب المخرج موجود ، إنّ معرفة عين الشاهد قبل صفته ، ومعرفة صفة الغائب قبل عينه " . قيل : وكيف تعرف عين الشاهد قبل صفته ؟ قال عليه السّلام : " تعرفه وتعلم علمه ،