من عرف نفسه جلّ أمره . من جهل نفسه كان بغيره أجهل . من عرف نفسه كان بغيره أعرف . من عرف نفسه فقد انتهى إلى غاية كلّ معرفة وعلم . من لم يعرف نفسه بعد عن سبيل النجاة ، وخبط في الضلال والجهالات . معرفة النفس أنفع المعارف . الفوز الأكبر من ظفر بمعرفة النفس . لا تجهل نفسك فإنّ الجاهل معرفة نفسه كجاهل كلّ شيء . ثم إنّه لا تصغ إلى من قال بأن المراد استحالة معرفة النفس لتعليقها بمعرفة الرّب وهو مستحيل . فمعرفة النفس أيضا مستحيلة ، فإنّه يدفعه قوله " أعرفكم بنفسه أعرفكم بربّه ، " فإنه صلَّى الله عليه وآله رتّب معرفته تعالى على معرفة النفس بنحو القضية الموجبة ، فأثبت معرفة الرب على معرفة النفس ، وهذا يأبى حمله على النفي كما لا يخفى . نعم إنّ المعرفة الفكريّة أي التفكر في الذات تعالى مستحيلة ، وأما المعرفة الشهوديّة بالمعنى الذي يأتي بيانه فلا . ومع التسليم فإنما المستحيل معرفته تعالى بمعنى الإحاطة التامة بكنهه تعالى ، وأما المعرفة بقدر الطاقة الإمكانيّة فغير مستحيلة . وبالجملة فكون معرفة النفس أفضل الطرق ، وأقربها إلى الكمال مما لا ينبغي الرّيب فيه ، وإنما الكلام في كيفية هذا المسير . فنقول : قد ذكر العلماء العارفون أنّ المستفاد من الآية المباركة وهي قوله تعالى : سنريهم آياتنا 41 : 53 أنّ تحصيل معرفته تعالى على وجهين : الأول : هو السير الآفاقي والثاني : السير الأنفسي . أمّا الأول : فمجمله هو التفكر والتدبر والاعتبار بالموجودات الآفاقيّة الخارجية