أهل الآخرة ، وهم الصلحاء وأهل الاعتقادات التقليديّة الظنيّة الخياليّة أي أهل الحقّ الثابت لهم بالحجة دون الشهود كما تقدمت الإشارة إليه . أهل الله وهم العرفاء با لله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر بالنحو الشهودي ، ولكلّ هذه المراتب أحوال وأحكام قد ذكرت في محلَّها كما لا يخفى . فالإنسان الكامل وأهل الله هو القابل لأن يتجلَّى الحق في مرآة قلبه بعلم مستأنف منه تعالى ، وهذا لا يكون لغير الإنسان الكامل قال تعالى : سنُريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتّى يتبيّن لهم أنّه الحقّ أولم يكفِ بربّك أنّه على كلِ شيءٍ شهيد 41 : 53 [1] وقال تعالى : وفي أنفسكم أفلا تُبصرون 51 : 21 [2] فإنّ الإنسان الكامل إنما يصير قابلا ولائقا لقرب الحق بواسطة معرفته وشهوده القلبي له تعالى ، لا لجهات أخرى تكون فيه فما للتراب وربّ الأرباب . فصل : في معرفة النفس ، وأنها أساس الإيمان والتوحيد . اعلم أنّ المتحصّل من البراهين القطعيّة أنّ أقرب الطرق إلى معرفته تعالى هو طريق معرفة النفس ، ومجمله هو الإعراض عن غير الله تعالى ، والتوجه التام إليه تعالى ، وتفصيله أنّه دلَّت آيات قرآنيّة على كون معرفة النفس هي الطريق إلى معرفته تعالى فمنها قوله تعالى : سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتّى يتبيّن لهم أنّه الحق 41 : 53 ومنها قوله تعالى : ولا تكونوا كالَّذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون 59 : 19 [3] . وهذه الآية كعكس النقيض لقوله صلَّى الله عليه وآله في الحديث المشهور بين الفريقين " من عرف نفسه عرف ربّه " فإن قوله نسوا الله فأنساهم أنفسهم 59 : 19 نقيضه بحسب المعنى ذكروا الله فذكرهم أنفسهم فإن الذكر نقيض النسيان ، ثم إنّ عكس هذا النقيض هو