العالم وشهاداته . وببيان آخر : أنّ الإنسان الكامل حيث ابتدأ وجوده كان من أدنى الأشياء أي من تراب وماء مهين ، وقد أنشأه الله مستعدّا لأن ينتهي إلى أعلى المقامات ، فلا بد من مروره على سائر الدرجات الكائنة في الممكنات من الباطن والظاهر عند أداء الأمانات . ولا بد له من بلوغه إلى الغاية ، وغاية كل شيء لا تظهر إلا عند بلوغ ذلك الشيء إلى تلك الغاية ، وغاية كل شيء غيب ذلك الشيء ، وقد ثبت في محله أنّ الإنسان الكامل غاية ما في الأرض والسماء بحسب الأجناس والدرجات فهو إذا غيب السماوات والأرض كما هو ظاهرهما ، والله تعالى عالم به قبل خلقه وبلوغه إلى مقام قرب أو أدنى ، فهو غاية وجود الأكوان وثمرة شجرة الأفلاك والأركان ، بل صفوة عالم الإمكان والمصداق الحقيقي لهذا محمد وآله الطاهرون كما لا يخفى وسيجئ في الشرح بيانه . فصل : اعلم أنّ العوالم بكثرتها تجمعها عوالم ثلاثة : عالم الدنيا ، وعالم الآخرة وعالم العقل ، والمدارك الإنسانيّة ثلاثة ، والإنسان بحسب غلبة كل واحد منها يقع في عالم من هذه العوالم والنشآت ، فبالحسّ يقع في العالم الدنياويّ وبه ينال الصور الحسّية الكائنة الفاسدة الملذّة والمولمة ، بحسب الملائمة والمنافرة . وبالقوة الباطنيّة الجزئيّة يقع في النشأة الثانية التي هي عالم الصور الأخرويّة المنقسمة إلى الجنة والجحيم ، وبالقوة الباطنية العقليّة تقع في النشأة الثالثة التي هي عالم الصور العقليّة الإلهيّة ، قيل : وهي العقول الأفلاطونيّة . فالناس أصناف ثلاثة : أهل الدنيا وهم أهل الحسّ ، كالأنعام والبهائم أو أضلّ سبيلا كما قال تعالى : أُولئك كالأنعام بل هم أضلّ 7 : 179 [1] .