فاطمة الزهراء سلام الله عليها . والحاصل أنه وآله عليه وعليهم السلام وإن كانوا من المستكفين من الجهات البشرية إلا أنّ لهم خصائص تخصّهم وليست لغيرهم . وإمّا يكون هو الناقص وهو ما يحتاج إلى غيره في كماله اللايق بحاله ، ولا يوجد له في أول الفطرة ما يستكمل به بنفسه . وبعبارة أخرى : الناقص هو الذي نقص عن الكمال ، وله بحسب ذاته وبالقوة استعداد الكمال بالفعل ، ولكن يحتاج في ذلك إلى من يكمله من معلَّم خارجي ، وهذا كالنفوس البشرية المعبر عنها في كلماتهم بالنفوس السفليّة التي هي كلماته السفلى . فقال بعضهم في بيان مصاديق ما ذكر : إنّ العقول المقدسة عن الأجرام هي كلمات الله التامّة العليا ، والنفوس المدبرة للسماويّات هي كلماته الوسطى ، والنفوس السفلية هي كلماته السفلى ، وأما ما هو فوق التمام فهو واجب الوجود جلّ شأنه العزيز . أقول : ولتحقيق هذه الأمور مقام آخر وإنما ذكرنا هذا التقسيم ليعلم أنّ النفوس البشرية غالبا تكون من الناقص ، المحتاج في كماله إلى غيره ، وليس له إلا الاستعداد الذاتي بالإمكان والقوّة للترقّي فالكلام يقع في شرح حال هذا الإنسان الناقص ، وبيان كيفيّة صيرورته إنسانا كاملا . الأمر الثاني : اعلم أنّ للإنسان نشأت فالأولى منها النشأة العنصرية فإن عناصره إذا صفت ، وامتزجت مزاجا قريبا من الاعتدال جدّا ، وسلكت طريقا إلى الكمال أكثر مما سلكه الكائن من النبات والحيوان ، وقطعت من القوس العروجيّة أكبر مما قطعته سائر النفوس ، فحينئذ اختصّت من الواهب جلّ وعلا بالنفس الناطقة والمستخدمة لسائر القوى النباتية والحيوانية ، فإن زيادة الكمال على حسب زيادة الصفاء والاعتدال ، فإذا بلغت المواد بأمزجتها غاية الاستعداد ،