يكون فيه ما بالقوة ، بل جميع شؤونه بالتمام وفوق التمام ، وهو واجب الوجود جلّ جلاله وليس المراد من أنه يفضل من وجوده وجود غيره ، ومن الإفاضة على غيره خروج شيء منه على غيره ، بل ما حققه العلماء الراسخون من أنّه بديع الأمور والسماوات والأرض لفرط جوده وسخائه وكرمه ، وتوضيحه موكول إلى محله . وإما يكون هو التمام ، وهو الذي يوجد له كلَّما يمكن له في أول الكون ، وبحسب الفطرة الأولى من غير انتظار . قيل : وهو الأنوار المجردة القاهرة القاطنة في حظيرة القدس ، أعني العقول الفعّالة ، قيل : وهي كلمات الله التامات المشار إليها في الأدعية المأثورة عنهم عليهم السّلام . وإما يكون هو المستكفي وهو الناقص ، الذي لا يحتاج في تمامه وكماله إلى أمر مباين عنه خارج عن أسبابه الذاتية ومقوّماته ، قيل هو كالنفوس الفلكيّة المستكفية في خروجها عمّا بالقوة إلى الفعل في حركاتها الشوقيّة بمبادئها الذاتيّة العقليّة . وبعبارة أخرى : إنّ كمالاتها حاصلة عن ذاتياتها العقلية ، ولا تحتاج إلى غير ذاتها ، بل هو مستكف في كماله بذاتيّاته ، وقد يقال هو نفوس الأنبياء أيضا لا سيما خاتمهم صلَّى الله عليه وآله حيث لم يحتج في تكميل نفسه القدسية إلى معلم خارج بشري بل يكاد زيت نفسه يضيء بنور ربّه ولو لم تمسسه نار التعليم البشري لغاية لطفه وذكائه . أقول : كون نفس النبيّ الأعظم صلَّى الله عليه وآله من المستكفي مطلقا محل تأمل أمّا بالنسبة إلى روحه المقدسة فلدلالة كثير من الأخبار على أنه صلَّى الله عليه وآله مؤيّد بروح القدس والروح الذي هو أعظم من جبرئيل وميكائيل ، وسيجئ بيانه فهو صلَّى الله عليه وآله خارج موضوعا عن الأرواح والموجودات ، بل حقيقته فوق التام السابق ذكره كما لا يخفى . وأما بالنسبة إلى بدنه المقدس فيمكن أن يكون من المستكفي إلا أنه لا كسائر المستكفين ، حيث إنّ جهاته البشرية أيضا تكون كمالاتها بذلك الروح القدس ، ولها خصائص ليست لغيره ، وهكذا آله الطاهرون من الأئمة الطاهرين وبنته الطاهرة