وإشراق روحه عن الملك الملقي إليه المعارف ، أو عنه تعالى بلا واسطة ، كما كان للنبي الأعظم صلَّى الله عليه وآله هو الوحي بالنسبة إلى الأنبياء ، وهو الإلهام بالنسبة إلى الأولياء أي الأئمة عليهم السّلام وسيجئ الفرق بينهما فيما بعد . فظهر وثبت مما ذكر أنه لا بد لهداية الخلق وإرشادهم إلى طريق النجاة ، وإيصالهم إلى المعاد من وجود متوسط بينهم وبين الله تبارك وتعالى ، يأخذ هذا الوجود المتوسط منه تعالى العلوم والكمالات ليوصلها إلى الخالق كما أشار إليه قوله تعالى : ويعلَّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين 62 : 2 [1] وقوله : لفي ضلال إشارة إلى ضعفه الذاتي ، وجهله بالمعارف الذي نتيجته الضلال والله العالم . هذا ولو أخذ كلّ إنسان علمه من إنسان آخر من غير أن ينتهي إلى الوحي والإلهام ، لأدى ذلك إلى غير النهاية المحمودة ، فلا بد من الانتهاء إلى من يأخذ العلوم والكمالات من معدن اللاهوت بلا تعلَّم ولا تقليد وستأتي الأخبار الدالة على هذا في الشرح ، مضافا إلى أنّه لو لم ينته إلى الوحي ، لأدّى أمر الكمالات والسعادات المأخوذة من العقول البشرية إلى الهرج والمرج والمعاندة والتّضاد ، لاختلاف الاستظهارات من العقلاء كما هو المشاهد من الفلاسفة غير الملتزمين بشرع ، كما لا يخفى على من راجع أحوالهم . فلا بدّ حينئذ من الاحتياج في الهداية إلى السعادة الأبدية والكمالات ، والوصول إليه تعالى إلى النبي صلَّى الله عليه وآله وهدايته ، وإلى الأولياء المنصوبين من قبله العالمين بعلمه كما لا يخفى . فصل : ثم إنّه لا يتوهم أحد أنّ النبي صلَّى الله عليه وآله يكون علمه عن الملك الموحى إليه على سبيل التقليد هيهات فإنّ العلم التقليدي ليس علما في الحقيقة إذ العلم هو