لِيذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيثَ من الطَّيب 3 : 179 [1] . وكيف كان فالمؤمن الحقيقي من تتميّز خبثيّته الجسمانية الشيطانية عن طينته الروحانية الملكية ، فيزيل الخباثة الظاهريّة والباطنيّة عن ظاهره وباطنه كما قال تعالى : وذروا ظاهر الإثم وباطنه 6 : 120 [2] ويتجلَّى بالطينة الروحانيّة الملكيّة فينور بنور المعرفة . ثم إنه سيجيء في الشرح الأحاديث المفسّرة لسلامة القلب فانتظر . فصل : قد علمت من مطاوي ما تقدم أن الوصول إلى معرفته تعالى ، وإلى سائر المعارف ، وإلى السعادة الأبدية منوطة بأمرين . أحدهما : الاطلاع على الحقائق والمعقولات بالعلوم الكليّة الإلهيّة . وثانيهما : الاتصاف بالصفات المحسّنات ، والتنزّه عن القيود والمضائق السفليّات بالآراء العلميّة . ومن المعلوم أنّ الإنسان بطبعه الأولى المشار إليه بقوله تعالى : وخُلق الإنسان ضعيفا 4 : 28 [3] يكون ضعيفا بنفسه ، وخاليا عن هذه الأمور ، وجاهلا بها كما صرّح به أيضا قوله تعالى : والله أخرجكم من بطون أمّهاتكم لا تعلمون شيئا 16 : 78 [4] فلا يمكنه العلم بها لضعفه وجهله ، فلا محالة من أن تفاض تلك الأمور عليه من الله تعالى بتوسط الملائكة والرسل . وبعبارة أخرى : أنه ليس كلّ واحد من الناس ممن تيسّر له التفطن بالكمالات والاتصال بعالم العلويّات والملكوت إلا بتأييد منه تعالى ، وبالروح القدس المتصل بالفيض العلوي ، وبحيث يعلم الأشياء بإلهام غيبي ومدد سماوي . وهذا الإنسان الكذائي هو النبيّ أو الولي ، وما يقبله بحسب صفاء باطنه ،