المحمدي ، وإليه يشير قوله تعالى : وإنّه في أمِّ الكتاب لدينا لعليّ حكيم 43 : 4 [1] وسيأتي بيانه وهو العقل الفرقاني ، وذلك عند وجوده التجردي ، وهو في النهاية الخلقي علي ابن أبي طالب عليه السّلام عند وجوده البشري الجسماني ، ثم الأقرب فالأقرب من العقول والنفوس الكلَّية بعد العقل الأول ، والنفس الأولى الظاهرة في صورة الأنبياء والمرسلين سابقا ، وصور الأولياء أي الأئمة المعصومين لاحقا عليهم السّلام ثم إن الأئمة ملحقون - كما تقدم - بالحقيقة العلوية في العوالم والمقامات كلَّها . ثم اعلم أن هذه الحقائق بما لها من المراتب هم المقرّبون لديه تعالى كلّ بحسبه ، لا يضاهيهم أحد إلا الحكماء والعلماء ، الذين منازلهم دون منازل الأنبياء والأولياء ، وهذا لا مطلقا ، بل إذا اقتبسوا أنوار علومهم من مشكاة النبوّة والولاية ، وإلا فليسوا من الحكماء والعلماء في شيء إلا بالمجاز ، وذلك لأن الوصول إلى الله تعالى ، ونيل روح الوجود من المنبع الحقيقي لا يمكن إلا باتّباع الأنبياء والأولياء أي الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين . والوجه فيه أن العقل لا يهتدي إلى الله تعالى اهتداء تطمئن به القلوب ، ويرتفع عن صاحبه الريب والشك ، ولا سبيل له في معرفة الحق إلا بأن ينظر في الممكنات ، ويستدل بها على موجدها وهو الحق تعالى . ثم على وحدته ووجوبه وعلمه وقدرته ، ولا يعلم من صفاته الثبوتيّة إلا هذا القدر ومن صفاته التقديسيّة أنه ليس بجسم ولا جسماني ولا زماني ولا مكاني وأمثال ذلك . ومن المعلوم أنّه ليس هذا الاستدلال إلا من وراء الحجب لا المشاهدة ، إذ لا يحضر عنده إلا مفهومات ذهنيّة ، ومعقولات ثانية لا تسمن ولا تغني من جوع . وهذا بعينه كمن أراد أن يستغني بمفهوم الحلاوة عن السكَّر ، وبمفهوم السلطنة عن السلطان . فأصحاب العقول كلَّهم كالَّذين قال الله تعالى فيهم أولئك يُنادون من مكان