نتائج عالم الملكوت ، وهو القشر الأقصى من اللَّب الأصفى . وحاصل الكلام في معرفة أفعاله تعالى أنّ من يؤمن بأنّ الله على كلّ شيء قدير ، وما سواه ممكن محدث ، والممكن بما هو ممكن محض القوّة والفاقة ، فلا يجوز أن يكون سببا لإخراج الشيء من القوة إلى الفعل ، وإلا لكان للعدم شركة في إفادة الوجود ، وهو فطريّ الفساد عند ذوي البصيرة والسداد . فتكون قدرة الله تعالى عامة شاملة لجميع الذرات العلوية والسفية : لأن منشأ الافتقار عامّ فلا تأثير للوسائط ، لأنها كلها مسخّرات ومعدّات لا موجبات كما حقق في محلَّه . فهذا هو التوحيد في الأفعال . وهذا لا ينافي صدور الأفعال عن اختيارنا ومشيّتنا ، لأنّ اختيارنا ومشيتنا في عين كونهما قائمين بنا ، فهما تحت اختياره تعالى ومشيّته فهو المالك لما ملكنا ، والقادر على ما أقدرنا والشائي لما شئنا ولمشيّتنا قال تعالى : وما تشاؤن إلا أن يشاء الله 76 : 30 [1] فنسبة الفعل إلى مشيّتنا وإن كانت وجدانيّة - وإلا لكنّا مجبورين وهو باطل بالضرورة كما لا يخفى - إلا أنه مع ذلك ينسب الفعل إليه تعالى أولا وبالذات ، ثمّ إلينا بالعرض ، وهذه النسبة العرضيّة كافية في إثبات كوننا غير مجبورين ، وأيضا لسنا مفوّضين بحيث لا أثر لإرادته ومشيّته تعالى في أفعالنا ، كيف ، وقد علمت أن الفعل منسوب إليه تعالى بالذات ، وهذا كاف في إثبات كوننا غير مفوّضين وغير خارجين عن قدرته تعالى ، ولهذا الكلام بيان أوسع مذكور وسيأتي في محله . ثم إنه إنما ذكرنا هذه المراتب من الخلق لأجل أنه من لم يجاوز هذه الدرجة ، لا يعرف من القرآن ولا من المعارف الإلهيّة ، ولا من التوحيد وأقسامه الذي هو غاية المعارف ونهاية السلوك شيئا ، فغير المتجاوز منها لا يعرف منها إلا ما له إليه نسبة القشر الأخير من الجوز والبشرة ، بل الثوب من الإنسان ، فأين هذا من المعارف