شديدا على العقول الضعيفة ، وتعسّرا على الأفهام القاصرة من جهة إدراك الصفات التشبيهيّة كالسمع والبصر والمحبّة والابتلاء والمماكرة ، وهذا مما لا يعرفه إلا الراسخون في العلم ، وأما غيرهم فلا بد لهم من التسليم للراسخين في العلم من الأئمة عليهم السّلام أو ممن منحوه علم ذلك ، والإيمان بواقع هذه الأمور ، لئلا يقع في العقيدة على خلاف واقعها فيصير مانعا عن سلوكه إليه تعالى ولهذا ذكرناها هنا . ومجمله : أنّ الصفات إما سلبيّة وحاصلها : أن يعلم أنه تعالى مجرّد مقدس عن جميع ضروب التركيب في أيّ ظرف كان ، لأن التركيب يستلزم الإمكان ، وينافي الوجوب والواجب تعالى كما أنه واجب الوجود بالذات - بحسب الواقع - فكذلك هو واجب الوجود في جميع الشؤون والجهات والأوعية ، والنشأة الذهنية والخارجية ، فيتقدّس عن الكثرة والتركيب - ولو من الأجزاء المحمولة - ويلازم أيضا الوحدة ولو في العقل ، أي لا يمكن تعقل التجزئة بالنسبة إليه تعالى عقلا ، على أنه تعالى يتعاظم أن يدخل في وهم أو عقل ، ليتصرّف فيه الذهن بالتحليل والتقسيم . وإما ثبوتيّة : وهو أن يعلم أنّ الموجود الواجب تعالى نسبته إلى جميع الممكنات نسبة واحدة لا يعجز عن بعض دون بعض ، ومن عرفه هكذا يعلم أنه قادر على جميع الممكنات ، وعلى أيّ نظام وترتيب كان - ثم إن من رأى وعلم أن هذا النظام أبدع النظامات وأحكمها وأحسنها - كما حقق وبرهن عليه في محله - يعلم أنه تعالى مريد ، وأن إرادته على وجه الحكمة والجزم لا على نهج الجزاف والتردد ، ويعلم أنّ إرادته أجلّ من الاختيار والجبر جميعا ، فيعلم أنّ فاعليته على سبيل العناية الأزليّة المسماة بالعلم التام المقدم على الإيجاد الذي هو أيضا من مراتب علمه المسمى بالرضا ، ولهذا الكلام بيان وتوضيح في محله فمن أراده فليراجع مظانه . وأما معرفة الأفعال فبحر متسع أكنافه ، وإن كان لا تنال بالاستقصاء أطرافه إذ ليس في الوجود إلا الله وصفاته وأفعاله ، فكلّ ما سواه تعالى فعله وجوده ، وهذا