وهذا أحد معنى قوله عليه السّلام كما تقدّم : إنّما العلم ما يحدث ساعة بعد ساعة ، أي لحظة بعد لحظة ، بتعليمه الدائم القائم ، وهذا أيضا أحد معاني قوله عليه السّلام : " إنّ لهم في كلّ ليلة جمعة علما مستفادا وإلا لنفد ما عندهم ، هذه واغتنم والله العالم والموفّق للصواب ، فهم عليهم السّلام خزائن العلم بهذين المعنيين للعلم . هذا ما ذكره بعض الأكابر وفيه من الكلام ما لا يخفى . أقول : أمّا القسم الأوّل : فهو في الحقيقة تقسيم للمعلوم كما لا يخفى . وأمّا القسم الثاني : فهو بيان كيفية علمهم بالأمور مطلقا الحاصل لهم منه تعالى . فأقسام علمهم إنّما هو بأقسام معلوماتهم التي منحهم الله تعالى إيّاها وقد تقدّم بعضها من العلم الغابر والماضي والمزبور فراجع ، وسيجئ إن شاء الله في بيان قوله عليه السّلام : " وارتضاكم لغيبه " بيان سائر الأقسام فانتظر والحمد لله ربّ العالمين . قوله عليه السّلام : ومنتهى الحلم . أقول : منتهى الشيء هو غايته التي ليس وراءها ذكر منه ، في المجمع : الحليم الذي لم يعاجل بالعقوبة ، وفيه : الحلم : العقل والتؤدة وضبط النفس عن هيجان الغضب ، والجمع أحلام وحلوم . وفي البحار : قال الراغب : الحلم : ضبط النفس عن هيجان الغضب . وقيل : الحلم : الأناة والتثبّت في الأمور ، وهو يحصل من الاعتدال في القوة الغضبية ، ويمنع النفس من الانفعال عن الواردة المكروهة المؤذية ، ومن آثاره عدم جزع النفس عند الأمور الهائلة ، وعدم طيشها في المؤاخذة ، وعدم صدور حركات غير منتظمة منها ، وعدم إظهار المزية على الغير ، وعدم التهاون في حفظ ما يجب حفظه شرعا وعقلا ، انتهى . أقول : المراد منه هنا الحلم بمعنى ضبط النفس ، الذي هو من مكارم الأخلاق ، لا