حجاب بينهم وبين الواقع من جميع المعارف الإلهية والأمور بأسرها ، حيث إن فيهم الروح الذي هو أعظم من جبرئيل وميكائيل ، الذي هو عمود من نور كما علمت ، وأنه به يرون ما دون العرش إلى ما تحت الثرى ، فلا حجاب بينهم وبين الله تعالى وبين انكشاف الأمور . وهذا معنى ما قاله الصادق عليه السّلام في معنى ومن عنده من قوله عليه السّلام : ونحن الذي كنا عنده ، الحديث ، فلهم المقام المعبّر عنه بمقام عند الله ولا يشاركهم فيه أحد . فظهر أن علمهم حضوري أي لأجل كونهم عند الله ، لا خفاء لهم في شيء ، وليس هذا كسبيا لما سيجيء من قول الرضا عليه السّلام في أوصاف الإمام : كلّ ذلك بلا طلب ولا اكتساب . هذا بيان إجمالي لجامع علمهم ، وهنا كلام في بيان أقسام علمهم فنقول : في تفسير نور الثقلين عن روضة الواعظين للمفيد رحمه الله : روى جعفر جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّه عليهم السّلام انّه قال : " في العرش تمثال جميع ما خلق الله من البرّ والبحر ، قال : وهذا تأويل قوله تعالى : وان من شيء إلا عندنا خزائنه 15 : 21 هذا وقد قال الله تعالى : ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء 2 : 255 . فنقول أوّلا : انّه ليس المراد بهذا العلم الذي لا يحيطون بشيء منه إلا بما شاء هو الذات القديم تبارك وتعالى ، لأنّ الاستثناء منه لا معنى له إذ لا يحيط أحد بذاته المقدّسة القديمة كما لا يخفى ، بل المراد أمران : الأوّل : انّ العلم الذي علَّمه لغيره وهو ما أعطاه لمحمّد وآله صلَّى الله عليه وآله كما تقدّم ثمّ إنّ ما أحاطوا به من العلم حسب ما شاء الله تعالى على قسمين : قسم تكون الإحاطة به إحاطة عيان وشهود بوجوده . وقسم تكون الإحاطة به إحاطة إخبار . وحينئذ نقول : قد علمت أنّهم عليهم السّلام علموا بروح القدس ما دون العرش إلى ما تحت الثرى فنقول : قوله تعالى : وان من شيء إلا عندنا خزائنه 15 : 21 قد علمت أنّ