منه على المعلوم ، والسمع على المسموع والبصر على المبصر ، والقدرة على المقدور ، الحديث . وفيه بإسناده عن محمد عن أبي جعفر عليه السّلام قال : سمعته يقول : كان الله ولا شيء غيره ، ولم يزل عالما بما يكون فعلمه به قبل كونه كعلمه به بعد كونه . وفي توحيد الصدوق بإسناده عن منصور الصيقل ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : إن الله علم لا جهل فيه ، حياة لا موت فيه ، نور لا ظلمة فيه ، ونظيره أحاديث أخر فيه . وحينئذ معنى كونه عالما أن انكشاف الأشياء حاصل له تعالى بذاته من ذاته قبل خلقها وبعد خلقها ، بل هذا العلم عين ذاته كما قال عليه السّلام : " والعلم ذاته ولا معلوم " فذاته علامة . نعم العلم من صفاته الذاتية التي لها إضافة إلى الغير لا كالحياة حيث إنها صفة ذاتية غير مضافة إلى الغير ، فالعلم هو ذاته تعالى وإضافته إلى الغير متأخرة . والحاصل : أن العلم بها ذاتي له تعالى في الأزل بكلياتها وجزئياتها ، كلّ في وقته وبحسب مرتبته وعلى ما هو عليه فيما لا يزال فأزلا وأبدا ذاته علامة لها . ثم إنه لما أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم ، أي حصلت تلك الإضافة أي حصول المعلوم المتعلق بعلمه تعالى بحيث لا يشذّ منه شاذ ، فالعلم له تعالى أزلي أبدي ، وظرف حصول المعلوم بحكمته وقدرته وعلمه متأخر يقع العلم الذاتي عليه حين تحققه خارجا ، قال الله تعالى : ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين 29 : 3 . وهاهنا كلام حاصله : أن علمه تعالى - وإن كان عبارة عن انكشاف الأشياء لديه انكشافا تاما حضوريّا - ولكن كيف يتصور انكشاف الجزئيات بحدودها لديه تعالى ، لأن هذا يستلزم أن تكون الذات المقدسة موجبا للحوادث تعالى عن ذلك علوا كبيرا ، فإن الجزئي قبل وجوده لم يكن موجودا ولا معلوما له تعالى ، وبعد وجوده يكون معلوما له تعالى ، فيحدث العلم به حين وجوده ، فهو مستلزم