أمركم هذا عرض على الملائكة فلم يقرّ به إلا المقربون ، وعرض على الأنبياء فلم يقرّ به إلا المرسلون ، وعرض على المؤمنين فلم يقرّ به إلا الممتحنون . وفيه بإسناده عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : إن الله عرض ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام فقبلها الملائكة وأباها ملك يقال له فطرس فكسر الله جناحه فلما ولد الحسين بن علي عليه السّلام . . إلى أن قال : فقال رسول الله صلَّى الله عليه وآله لفطرس : أتفعل ؟ قال : نعم ، فعرض عليه رسول الله صلَّى الله عليه وآله ولاية أمير المؤمنين فقبلها ، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وآله : شأنك بالمهد فتمسح به وتمرّغ فيه ، الحديث . وفيه بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام في قول الله عز وجل : ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما 20 : 115 قال : عهد الله في محمد والأئمة من بعده طفترك ، ولم يكن له عزم فيهم أنهم هكذا . وإنما يسمى أولو العزم ب ( أولو العزم ) لأنه عهد إليهم في محمد والأوصياء من بعده والمهدي وسيرته فأجمع عزمهم أن ذلك كذلك والإقرار به . وفي المحكي عن علي عليه السّلام إنه قال : لما كان عند الانبعاث للمنطلق فشك أيوب عليه السّلام وبكى وقال : هذا خطب جليل وأمر جسيم ، قال الله عز وجل : يا أيوب أتشك في صورة أنا أقمته ؟ إنّي ابتليت آدم بالبلاء ، فوهبته له بالتسليم عليه بإمرة المؤمنين فأنت تقول : خطب جليل وأمر جسيم ، فو عزتي لأذيقنّك من عذابي أو تتوب إلي بالطاعة لأمير المؤمنين ، ثم أدركه السعادة بي . وستأتي أحاديث أخر في شرح قوله عليه السّلام : وبولايتكم تقبل الطاعة المفترضة . فعلم مما ذكر ومما سيأتي : أن الامتحان للأنبياء والملائكة إنما هو بهم عليهم السّلام أي بعرض ولايتهم عليهم ، فمن قبلها من الأنبياء صار من المرسلين ، ومن الملائكة صار من المقرّبين ، ومن المؤمنين صار من الممتحنين ، ومن ساير الموجودات كما سيأتي . فصارت الآثار المرغوبة والحسنة مترتبة عليها ، فالأنبياء والملائكة كلَّفوا بذلك ، وامتحنوا بذلك فافترقوا قسمين كما علمت ، وأخذوا بواسطة ردّهم ذلك أو التأمل