سرّهم ، وعزّ الأولياء في عزّهم كالقطرة في البحر ، والذرة في القفر ، والسماوات والأرض عند الإمام كيده من راحته ، يعرف ظاهرها من باطنها ، ويعلم برّها من فاجرها ، ورطبها ويابسها ، لأن الله علَّم نبيّه علم ما كان وما يكون ، وورث ذلك السرّ المصون الأوصياء المنتجبون ، ومن أنكر ذلك فهو شقي ملعون يلعنه الله ويلعنه اللاعنون ، الحديث . وسيأتي في الشرح ما يوضح هذا بأكثر مما علمت إن شاء الله . النور الثالث : كونهم عليهم السّلام مناة . يقال : منا يمنو منوا ( الرجل بكذا ) ابتلاه واختبره ، فالرجل ممنوّ بكذا . المنا : كيل أو ميزان يساوي رطلين . مثنّاه منوان ومنيان جمعه أمناء وأمن ومنيّ يقال له أيضا : المناة ( كذا في المنجد ) . فالمناة حينئذ بمعنى الكيل والميزان إذا قرأ بفتح الميم . وفي أقرب الموارد : مناه الله يمنيه منيا ( واوي ) قدّره فهو مان أي المقدر وفيه يقال : منى الله لك الخير ، وما تدري ما يمنى لك . أقول : الماني المقدر ( بالكسر ) أي ما تدري ما يقدر لك المقدر الخير . وفيه : مناه الله به ابتلاه به وأصابه مناه ( اختبره ) . قيل : المناة ( بضم الميم ) جمع مان أي المقدر ( بالفتح ) كما علمت . وحينئذ فمعنى كونهم مناة ( بالفتح ) أي هم الميزان والكيل ، لتمييز الحقّ من الباطل ، و ( بالضم ) على أن يكون جمعا لمان فمعناه هم عليهم السّلام الذين قدّرهم على أمر ، قيل : أي أعطاهم القدرة ووضعهم في منازلهم المخصوصة . وإذا كان مصدره مينا فالفعل المنسبك منه قد يكون بمعنى قدره كما علمت . وقد يكون بمعنى ابتلاه وأصابه مناه واختبره ، فالماني المشتق منه يكون بمعنى المبتلى به والمختبر والمصاب بمناه كما لا يخفى . فإذا كان جمعه مناة ( بالضم ) بهذا المعنى فهم عليهم السّلام المبتلون والمختبرون . المبتلون بهم مضاه : أنهم الذين ابتلى الله الخلق بهم ، ومعنى المختبر أي هم